هو مواضعة بين اثنين أو جماعة والعرب تخص بها غالبا كلام العجم. أقول: لا يخفى أن ما ذكره من المعنى للرطانة معنى غريب لم يذكره أحد في ما أعلم وكأنه إنما تكلفه فرارا عما نقله أخيرا عن العرب والمنقول في كلام أهل اللغة إنما هو ما نقله عن العرب، قال في القاموس الرطانة ويكسر الكلام بالأعجمية، ورطن له وراطنه كلمه بها، وتراطنوا تكلموا بها. انتهى وحينئذ ففي الخبر المذكور ما يشير إلى كراهة الدعاء بالأعجمية لأن المساجد مواضع الدعوات وطلب الحاجات فإذا كان الكلام فيها بالأعجمية مكروها تعين الكلام في ما يأتي به من الدعوات بالعربية. والله العالم.
(المقام) - الرابع في بقية الأحكام المتعلقة بالمساجد وفيه مسائل:
(الأولى) - المفهوم من كلام جملة من متأخري الأصحاب أنه لا بد في ثبوت المسجدية وترتب أحكامها من صيغة الوقف الشرعية ليحصل بها الانتقال عن ملك المالك ونحوه ويختص بالجهة الموقوف عليها ولم أر من تعرض لبسط الكلام في هذا المقام إلا شيخنا الشهيد في الذكرى حيث قال: الخامس عشر - إنما تصير البقعة مسجدا بالوقف إما بصيغة " وقفت " وشبهها وإما بقوله: " جعلته مسجدا " ويأذن بالصلاة فيه فإذا صلى فيه واحدا تم الوقف، ولو قبضه الحاكم أو أذن في قبضه فالأقرب أنه كذلك لأن له الولاية العامة، ولو صلى فيه الواقف فالأقرب الاكتفاء بعد العقد، ولو بناه بنية المسجد لم يصر مسجدا نعم لو أذن للناس بالصلاة فيه بنية المسجدية ثم صلوا أمكن صيرورته مسجدا لأن معظم المساجد في الاسلام على هذه الصورة وقال الشيخ في المبسوط إذا بنى مسجدا خارج داره في ملكه فإن نوى به أن يكون مسجدا يصلي فيه كل من أراد زال ملكه عنه وإن لم ينو ذلك فملكه باق عليه سواء صلى فيه أو لم يصل. وظاهره الاكتفاء بالنية، وأولى منه إذا صلى فيه وليس في كلامه دلالة على التلفظ ولعله الأقرب. وقال ابن إدريس إن وقفه ونوى القربة وصلى فيه الناس ودخلوه زال ملكه عنه. انتهى كلام شيخنا المذكور.
أقول: لا يخفى على من راجع الأخبار الواردة في هذا المقام عن الأئمة الأطهار