وتستره في هذه العبارات في جبر الخبر الضعيف بالاجماع دون الشهرة وفرقه بين الأمرين مما لا يسمن ولا يغني من جوع، فإنه لا مدعى للاجماع في هذه المواضع التي أشرنا إليها مما اعتمدوا فيها على تلك الأخبار الضعيفة وإنما المدعى شهرة العمل بها وعدم وجود الراد لها والمخالف فيها، فتسميته له - في بعض المواضع التي يضطر إلى العمل بها اجماعا ويجعله جابرا لضعف الخبر وفي الموضع الذي لا يرتضيه شهرة ويمنع كونه جابرا لضعفه - ترجيح من غير مرجح ناشئ مما ذكرناه في غير موضع مما تقدم من ضيق الخناق في هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح. على أن الاجماع عنده ليس بدليل شرعي كما أشار إليه في صدر كتابه وذكر أنه صنف رسالة في رده وإن استسلقه تأييدا في بعض المواضع فكيف جاز له الاعتماد عليه في جبر الخبر الضعيف؟
هذا. وأما ما ذكره في المعتبر - ومثله جمود السيد عليه في كتابه من تأييد ما ذكراه برواية أبي مريم الأنصاري - ففيه (أولا) أنه لا يخرج عن القياس لأن المدعى الاجتزاء بأذان الانسان نفسه متى أذن بنية الانفراد ومورد الرواية الاجتزاء بأذان الغير، وكونه مفهوم أولوية لا يخرجه عن القياس كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب.
و (ثانيا) ما ذكره شيخنا الشهيد (قدس سره) من الفرق. وما أجاب به في المدارك - من أن الظاهر ترتب الاجزاء على سماع الأذان وعدم مدخلية لما عدا ذلك - مردود بأنه لا ريب أن ظاهر سياق الخبر أن الباقر (عليه السلام) حين سماعه لأذان جعفر (عليه السلام) وإقامته كان قاصدا إلى الجماعة لقوله في الاعتذار إلى المأمومين عن ترك الأذان والإقامة " إني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم " يعني في حال خروجه قاصدا إلى المكان الذي فيه الجماعة، فظاهر الخبر يدل على مدخلية قصد الجماعة كما ذكره شيخنا المذكور.
وأما قوله في المدارك: " والمعتمد الاجتزاء بالأذان المتقدم كما اختاره في المعتبر " فقد ظهر لك بما ذكرناه أنه غير معتمد ولا معتبر، ونزيده بأنه متى ثبت استحباب الأذان.