حينئذ بما في ألفاظ بعض تلك الأخبار من لفظ الكراهة ولفظ " لا أحب ولا أشتهي " ونحو ذلك. وفيه ما فيه سيما مع تصريح موثقة عمار المتقدمة المشتملة على تمثال الطير بعدم الجواز والنهي.
وبالجملة فالمسألة عند التأمل في أدلتها لا تخلو من شوب الاشكال، والمتأخرون قد أخذوها مسلمة ولم يذكروا للكراهة دليلا منقحا وراء نقل بعض هذه الأخبار وهي على ما عرفت، ويدلك على ما ذكرنا أن صاحب الذخيرة قد استدل للقول بالكراهة هنا بموثقة عمار المذكورة وصحيحة محمد بن إسماعيل المشتملة على سؤاله من الرضا (عليه السلام) عن الثوب المعلم فكره ما فيه التماثيل، ولم يذكر غيرهما، وظاهره الاعتماد في الحكم بالكراهة على لفظة " كره " في هذه الرواية فنظمها مع موثقة عمار الدالة على عدم الجواز والنهي عن تمثال الطير دليلا واحدا لأجل هذا اللفظ مع ما صرح به هو وغيره من أن ورود لفظ الكراهة في الأخبار أكثر كثير في التحريم كما تقدم قريبا، ومع هذا الاستدلال الظاهر الاختلال نقل قول ابن إدريس بالتخصيص بصور الحيوان وقول الشيخ في المبسوط وردهما بالضعف والحال ما ترى.
(الثالث) - ظاهر كثير من هذه الأخبار زوال الكراهة أو التحريم على القول به بقلع رأس الصورة لو كانت صورة حيوان أو طمس عين منها، وظاهر ذلك نقص عضو من أعضاء تلك الصورة كما يشير إليه قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد ابن مسلم: " إذا غيرت الصورة منه " وفي هذا ما يؤيد أيضا قول ابن إدريس لأنه إذا زالت الكراهة عن صورة الحيوان بمجرد نقص عضو مع أن سائر أجزائه مماثلة لما وجد منها في الخارج فالشجر وأمثاله أولى بالجواز. وتزول الكراهة بما لو لم تكن الصورة في القبلة بل كانت عن يمين أو شمال أو تحت أو فوق، وتزول أيضا بما لو كانت في القبلة وألقى عليها سترا. وأما ما رواه في كتاب المحاسن في الموثق عن علي بن جعفر (1)