الوجه المذكور وإن وجد ساترا من حشيش ونحوه مع أن صحيحة علي بن جعفر المتقدمة في صدر المسألة دلت على أنه في هذه الصورة ينتقل إلى الستر بالحشيش ونحوه وعلى ذلك فتوى الأصحاب (رضوان الله عليهم) كما عرفت، وظاهر الجمع بين الخبرين يقتضي التخيير بين الأمرين وأن الصلاة في الحفيرة بمنزلة الساتر من حشيش ونحوه، وظاهر الأصحاب جعل الحفيرة مرتبة متأخرة عن الحشيش ونحوه بحمل اطلاق هذا الخبر على ما تقدم في صحيحة علي بن جعفر من الستر بالحشيش أولا. والظاهر أن ما ذكرنا من الجمع بالتخيير أقرب إلا أن يحمل صحيح علي بن جعفر على عدم وجود الحفيرة.
وظاهر المحقق في الشرائع - وهو ظاهر السيد السند أيضا في المدارك - اطراح الخبر المذكور والانتقال إلى الايماء بعد فقد الساتر بجميع أنواعه، وعلل ذلك في المدارك بضعف الخبر المذكور والالتفات إلى عدم انصراف لفظ الساتر إلى الحفيرة. وبالجملة فالمسألة كما عرفت لا تخلو من شوب الاشكال. والله العالم.
(الثالث) - اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ما لو وجد وحلا فهل يجب نزوله والاستتار به أم لا: قال في المعتبر: لو وجد وحلا أو ماء كدرا بحيث لو نزله ستر عورته لم يجب نزوله لأن فيه ضررا ومشقة. وقال في الروض: ولو وجد وحلا أو ماء كدرا فالمشهور وجود الاستتار بهما. وقال في الذكرى: ولو وجد وحلا ولا ضرر فيه تلطخ به ولو لم يجد إلا ماء كدرا استتر به مع إمكانه، ثم نقل عن المعتبر أنهما لا يجبان للمشقة والضرر.
والقائلون بالوجوب اختلفوا فقيل إن الوحل مقدم على الماء وإن لم يستر الحجم لأنه أدخل في مسمى الساتر وأشبه بالثوب والطين المقدمين على الماء. واستظهره في الروض وقيل بتقديمهما على الحفيرة، وقيل بتقديم الحفيرة على الماء الكدر وتأخير الطين عنه، وقيل بتقديم الماء الكدر على الحفيرة مطلقا، وقال ابن فهد في موجزه: ولو وجد الجميع قدم الحشيش وورق الشجر ثم الحفيرة ثم الماء الكدر ثم الطين ويومئ في الأخيرين.