جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس " وظاهر هذه الرواية ربما دل على ما ذهب إليه في الذكرى من تفسير معنى الترجيع بحمل ما ذكر في الرواية على مجرد التمثيل.
ومما يدل على النهي عن الترجيع ما في كتاب الفقه الرضوي (1) حيث قال (عليه السلام) بعد ذكر فصول الأذان وعددها " ليس فيها ترجيع ولا تردد ولا الصلاة خير من النوم " والظاهر أن عطف التردد تفسيري للترجيع.
أقول: ومن المحتمل قريبا أن المراد بالترجيع المنهي عنه هنا هو ترجيع الصوت وتريده على جهة الغناء لا تكرار الكلمات كلا أو بعضا. والتعبير بالترجيع لم أقف عليه في شئ من الأخبار سوى هذا الخبر وإنما وقع ذلك في كلام الأصحاب وقد عرفت اختلافهم في معناه ورواية أبي بصير المذكورة إنما اشتملت على لفظ الإعادة، وذكرهم الترجيع والاختلاف فيه تحريما وكراهة وكذا في معناه مع عدم وروده في الأخبار عجيب إلا أن يكون المستند فيه هو كتاب الفقه المذكور ولا بعد فيه لما عرفت في غير موضع مما تقدم من وجود كثير من الأدلة التي أنكرها المتأخرون على المتقدمين في الكتاب المذكور. والله العالم.
ومنها - التثويب وقد وقع الخلاف هنا أيضا في حقيقته وحكمه والمشهور بين الأصحاب أنه عبارة عن قول " الصلاة خير من النوم " صرح به الشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل والسيد المرتضى وغيرهم (رضوان الله عليهم) قال في المنتهى التثويب في أذان الغداة وغيرها غير مشروع وهو قول: " الصلاة خير من النوم " ذهب إليه أكثر علمائنا وهو قول الشافعي، وأطبق أكثر الجمهور على استحبابه في الغداة، لكن عن أبي حنيفة وروايتان في كيفيته فرواية كما قلناه والأخرى أن التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر وإقامته " حي على الصلاة " مرتين " حي على الفلاح " مرتين (2)