كلامهم من أن صوت المرأة عورة فلا يجوز لها اسماعه الأجانب، إلا أن المنقول عن المبسوط هنا جواز اسماعها الأجانب والاعتداد به وإن منعه من تأخر عنه ورد عليه في ذلك. وبالجملة فالمسألة مبنية عندهم على تحريم اسماع المرأة صوتها الرجال وهو مشهور عندهم، والذي ثبت عندي - من تتبع الأخبار الكثيرة الدالة على تكلم النساء مع الناس في مجالس الأئمة (عليهم السلام) وكذا كلام فاطمة (عليها السلام) مع جملة من الصحابة وخروجها للمخاصمة في فدك في المسجد لجملة من فيه من الصحابة واتيانها بعد المخاصمة والمجادلة بتلك الخطبة الطويلة المروية عند العامة والخاصة كما ذكرناها في كتابنا سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد - هو خلاف ما ذكروه وبه يظهر جواز أذانهن للأجانب ولو الأذان الإعلامي، إلا أنه ينبغي التوقف فيه من جهة أخرى وهو أن الأذان الإعلامي عبادة شرعية مبنية على التوقيف ولم يرد عنهم (عليهم السلام) الأذان للنساء في ذلك ولا وقوعه من النساء في زمانهم ولا الإشارة إلى شئ من ذلك في أخبارهم بل إنما يقع في جميع الأعصار - وبه خرجت الأخبار - من الرجال خاصة فيبقى التوقف فيه من هذه الجهة لا من جهة كون سماع صوتهن عورة فإنه لم يثبت على اطلاقه وإن دل ظواهر بعض النصوص النادرة على ذلك فهو محمول على حصول الريبة بذلك ولا اشكال في التحريم مع ذلك.
أما الاعتداد بأذان المميز فنقل في الذكرى الاجماع عليه، قال فأما المميز فيعتد بأذانه اجماعا منا. أقول: ويدل عليه ما رواه الشيخ في التهذيب مسندا عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) (1) " أن عليا (عليه السلام) كأن يقول لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم ".
وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم ".