(الخامس) - اختلف الأصحاب في الصلاة في ما لا تتم فيه الصلاة منفردا من الحرير بمعنى ما لا يكون ساترا للعورة كالقلنسوة والتكة ونحوهما، فالمشهور الجواز ونقل عن الشيخ المفيد والصدوق وابن الجنيد المنع، وإلى هذا القول مال جملة من أفاضل متأخري المتأخرين: منهم السيد السند في المدارك وشيخنا المجلسي في كتاب البحار والفاضل الخراساني في الذخيرة والمحدث الكاشاني في المفاتيح وقواه العلامة في المختلف وجعله الأقرب في المنتهى بعد الاستشكال في المسألة، وبالغ الصدوق في الفقيه فقال: لا يجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم.
ويدل على القول الأول رواية الحلبي المتقدمة في صدر هذا المقام (1) وعلى القول الثاني صحيحتا محمد بن عبد الجبار المتقدمتان (2) ويؤيدهما عموم الأخبار المانعة من الصلاة في الحرير المحض وجمع الأصحاب بين الأخبار بحمل الصحيحتين المذكورتين على الاستحباب. وفيه (أولا) أن الجمع فرع التعارض كما صرحوا به في غير مقام والرواية المذكورة لضعفها لا تبلغ قوة في معارضة الصحيحتين المذكورتين سيما مع تأيدهما بما ذكرناه و (ثانيا) ما عرفت في هذا الجمع في غير مقام. و (ثالثا) أنه كما يمكن الجمع بما ذكروه يمكن الجمع أيضا بحمل الرواية المذكورة على التقية فإن المنقول عن أبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين جواز الصلاة في الحرير المحض (3) وبالجملة فقوة القول الثاني ظاهرة وحمل الرواية المذكورة على التقية متعين.
بقي الكلام في مطلق الحرير مثل ما يخاط به الثوب أو يزر به أو يجعل علما فيه أو يكف به بأن يجعل في رؤوس الأكمام والذيل وحول الزيق والجيب، وظاهر كلام الصدوق كما تقدم المنع من جميع ذلك حيث منع من تكة رأسها من إبريسم، وأما كلام أكثر الأصحاب فهو صريح في الجواز:
فأما بالنسبة إلى ما يكف به فاستدل عليه الفاضلان بما رواه العامة عن عمر (4)