بعد ورود النص به. انتهى. أقول: فيه أن استبعاد المتأخرين ذلك يرجع إلى الجمع بين هذين الحكمين وهو قوله بالكراهة هنا مع قوله بطهارة الخمر، وهو في محله وذلك فإنه متى كانت الخمر طاهرة فسبيلها سبيل الأشياء الطاهرة في البيت فلا مناسبة للمنع من الصلاة والحال هذه وهذا المنع إنما يلائم القول بالنجاسة، فكلامهم في الحقيقة يرجع إلى الاعتراض عليه في ذهابه إلى طهارة الخمر إذ لو كان طاهرا كما يدعيه لما حكم عليه بالكراهة هنا إذ لا يعقل للحكم بالكراهة هنا مناسبة على هذا التقدير.
وأما بيوت النيران - والمراد بها ما أعدت لاضرام النار فيها كالفرن والأتون وإن لم تكن موضع عبادتها - فقد ذكرها الأصحاب (رضوان الله عليهم) ولم أقف بعد الفحص على خبر يدل على كراهة الصلاة فيها كما اشتهر في كلامهم، والعلامة في جملة من كتبه إنما علل كراهة الصلاة فيها بكون الصلاة فيها تشبها بعبادتها. قال في المدارك:
وهو ضعيف جدا والأصح اختصاص الكراهة بمواضع عبادة النيران لأنها ليست موضع رحمة فلا تصلح لعبادة الله تعالى.
أقول: لا يخفى أنه متى كانت المسألة عارية من النص وإنما يراد التعليل بهذه المناسبات الاعتبارية فلا معنى لهذه الأصحية التي ادعاها ولا وجه لتضعيفه كلام العلامة فإنه إذا كفى في ثبوت الكراهة الأمور الاعتبارية المناسبة لتعظيم الصلاة فما ذكره العلامة متجه وإن كان ما ذكره أوجه. نعم ذكر محمد بن علي بن إبراهيم في كتاب العلل المتقدم ذكره (1) في جملة ما عده من الأماكن التي تكره الصلاة فيها قال: ولا بيت فيه صلبان، إلى أن قال في بيان العلة: والعلة في بيت فيه صلبان أنها شركاء يعبدون من دون الله تعالى فينزه الله تبارك وتعالى أن يعبد في بيت فيه ما يعبد من دون الله تعالى. انتهى.
وفيه نوع ملائمة لما ذكروه في هذه المسألة إلا أن اثبات الحكم بمجرد ذلك لا يخلو من الاشكال.