(المسألة الثالثة) - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا بأس أن يصلي الرجل في الموضع النجس إذا كانت النجاسة لا تتعدى إلى ثوبه أو بدنه وكان موضع الجبهة طاهرا.
والكلام في مقامين: (الأول) أنه قد نقل عن أبي الصلاح أنه اشترط طهارة مواضع المساجد السبعة، وعن المرتضى (رضي الله عنه) أنه اعتبر طهارة مكان المصلي، وربما نقل عنه أنه اعتبر طهارة ما يلاصق البدن وإن لم يسقط عليه. فأما القول الأول من هذين القولين فلم نقف له على دليل ولم ينقلوا له دليلا وقائله أعرف به. وأما الثاني فنقلوا أن قائله احتج بنهيه (صلى الله عليه وآله) عن الصلاة في المجزرة وهي المواضع التي تذبح فيها الأنعام والمزبلة والحمامات وهي مواطن النجاسة (1) فتكون الطهارة معتبرة.
وأجيب عن ذلك بأنه يجوز أن يكون النهي عن هذه المواضع من جهة الاستقذار والاستخباث الدالة على مهانة نفس من يستقر بها فلا يلزم التعدية إلى غيرها، وبالجملة فإن النهي عن ذلك نهى تنزيه فلا يلزم التحريم.
أقول: والمعتمد في رد هذين القولين الأخبار الدالة على جواز الصلاة في الأماكن النجسة مع عدم التعدي:
ومنها - ما رواه الصدوق في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (2) " أنه سأله عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلى فيهما إذا جفا؟ قال نعم ".
وما رواه الصدوق والشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (3) قال: " سألته عن الشاذكونة تكون عليها الجنابة أيصلي عليها في المحمل؟ فقال لا بأس "