وقال الشيخ في المبسوط: إذا أذن في مسجد دفعة لصلاة بعينها كان ذلك كافيا لمن يصلي تلك الصلاة في ذلك المسجد ويجوز له أن يؤذن في ما بينه وبين نفسه وإن لم يفعل فلا شئ عليه. وظاهر كلامه يؤذن باستحباب الأذان سرا وأن السقوط عام يشمل التفرق وعدمه وهو خلاف ظاهر الأخبار المتقدمة.
(الثالثة) - هل يكون الحكم هنا مقصورا على المسجد أو عام له ولغيره؟ وجهان بل قولان اختار أولهما المحقق في المعتبر والنافع والشهيد الثاني واختاره في المدارك عملا بمدلول الروايتين، قال: ويجوز أن تكون الحكمة في السقوط مراعاة جانب إمام المسجد الراتب بترك ما يحث على الاجتماع ثانيا. وقال في الذكرى: الأقرب أنه لا فرق بين المسجد وغيره وذكره في الرواية على الأغلب.
أقول: لا يخفى أن أكثر أخبار المسألة المتقدمة قد اشتملت على المسجد وما أطلق منها فالظاهر حمله عليه لأن الأحكام الشرعية إنما تبنى على الغالب المتكرر ولا ريب أن صلاة الجماعة إنما تكرر وتعاد في المساجد ووقوعها نادرا لعلة في بعض المواضع لا يقدح، وحينئذ فإذا كان مورد النصوص المسجد فالخروج عن ذلك يحتاج إلى دليل. وبالجملة فإنه يقتصر في ترك ما علم ثبوته واستحبابه بالأدلة القاطعة على الموضع المتيقن.
(الرابعة) - الظاهر شمول الحكم للجامع والمنفرد كما هو ظاهر كلام الأصحاب ونقل عن ابن حمزة أنه خصه بالجماعة وهو ناشئ عن الغفلة عن مراجعة الأخبار التي قدمناها فإنها صريحة في المنفرد.
(الخامسة) - هل يختص الحكم بالفريضة المؤداة أو يعم ما لو دخل الداخل وأراد أن يصلي قضاء؟ اشكال ينشأ من أن اطلاق النصوص بصلاة الداخل شامل للأداء والقضاء، ومن أن قرائن الحال من قصد المسجد والمسارعة إلى الدخول مع الإمام ونحو ذلك أنما ينصرف إلى الأداء. ولم أقف على تصريح لأحد من الأصحاب بذلك.
(المسألة التاسعة) - الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أنه لو أذن المنفرد