الدالتين على النهي عن اتخاذ القبور قبلة إلا الأخبار الدالة على الصلاة خلف قبور الأئمة (عليهم السلام) وقد عرفت أن الشيخين المتقدمين ومن تبعهما قد أطلقا الحكم بالتحريم إلا أن مقتضى التأمل في الأخبار تخصيص التحريم بغير قبور الأئمة (عليهم السلام) كما شرحناه وأوضحناه. والوجه في استثناء قبورهم (عليهم السلام) مزيد الشرف لها على غيرها. والاحتياط لا يخفى.
فروع (الأول) الحق جمع من الأصحاب بالقبور القبر والقبرين، قال في البحار ومستنده غير واضح. أقول: إن كان هذا الالحاق بالنسبة إلى الصلاة خلف القبر فإنه صحيح لأن الحكم معلق باستقبال القبر ولا يشترط فيه التعدد، وإن كان بالنسبة إلى الصلاة على القبر فكذلك، وإن كان بالنسبة إلى البينية فما ذكره (قدس سره) من عدم وضوح المستند جيد لأن مورد الأخبار القبور.
(الثاني) - قد عرفت في ما تقدم من كلام المفيد (قدس سره) بعد حكمه بالتحريم أنه حكم بزواله بالحائل ولو قدر لبنة أو عنزة منصوبة أو ثوب موضوع، وكذلك حكم الأصحاب بزوال الكراهة بذلك. وهو مشكل حيث إنا لم نقف على مستنده، والذي ورد في موثقة عمار زوال ذلك ببعد عشرة أذرع من الجوانب الأربعة إذا كانت الصلاة بين القبور. واكتفى الشيخ بكون القبر خلف المصلى عن البعد، قال في الروض:
وهو متجه مع عدم صدق الصلاة بين المقابر كما لو جعل المقبرة خلفه وإلا فقد تقدم اعتبار تأخر القبر عنه من خلفه عشرة أذرع. انتهى. وهو جيد. نعلم لو كان الحائل جدارا ونحوه مما يخفى به القبر فلا اشكال في جواز الصلاة من غير تحريم ولا كراهة لأن القبر يخرج عن كونه قبلة ولأنه يلزم الكراهة ولو كان بينهما جدران متعددة.
(الثالث) - قال في المنتهى: لو بنى مسجدا في المقبرة لم تزل الكراهة