في كتب الفروع بذلك مأخوذ من كلام علي بن بابويه فإن الأصحاب كانوا يتمسكون بما يجدونه في كلامه عند اعواز النصوص، فالأولى المواظبة على التحنك في جميع الأوقات ومن لم يكن متحنكا وأراد أن يصلي به فالأولى أن يقصد أنه مستحب في نفسه لا أنه مستحب لأجل الصلاة. انتهى.
أقول: وعندي في ما ذكروه هنا من استحباب التحنك دائما اشكال لأن ذلك وإن كان هو ظاهر الأخبار المتقدمة إلا أن هنا جملة من الأخبار ظاهرة المنافاة لذلك حيث إن ظاهرها أن المستحب للمعتم دائما إنما هو الاسدال دون التحنك:
ومنها ما رواه الكليني في الصحيح عن الرضا (عليه السلام) (1) " في قول الله عز وجل " مسومين " (2) قال العمائم اعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسدلها من بين يديه ومن خلفه واعتم جبرئيل فسدلها من بين يديه ومن خلفه ".
وعن أبي جعفر (عليه السلام) (3) قال: " كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر ".
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) قال: " عمم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بيده فسدلها بين يديه من وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع ثم قال أدبر فأدبر ثم قال أقبل فأقبل ثم قال هكذا تيجان الملائكة ".
وعن ياسر الخادم (5) قال: " لما حضر العيد بعث المأموم إلى الرضا (عليه السلام) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلي ويخطب فبعث الرضا (عليه السلام) إليه يستعفيه فألح عليه فقال إن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له المأموم أخرج كيف شئت، وساق الحديث إلى أن قال: فلما طلعت الشمس قام (عليه السلام) فاغتسل واعتم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفا