وروى ابن إدريس في السرائر نقلا من جامع البزنطي عن علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن رجل كان له مسجد في بعض بيوته أو داره هل يصلح له أن يجعله كنيفا؟ قال لا بأس " ورواه في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر مثله (2).
وروى في قرب الإسناد عن مسعدة بن صدقة (3) قال: " سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) وسئل عن الدار والبيت يكون فيه مسجد فيبدو لأصحابه أن يتسعوا بطائفة منه ويبنوا مكانه ويهدموا البنية؟ قال لا بأس بذلك ".
قال شيخنا الشهيد في الذكرى: لو اتخذ في داره مسجدا له ولعياله ولم يتلفظ بالوقف ولا نواه جاز له تغييره وتوسيعه وتضييقه لما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) ثم ذكر الرواية المتقدمة. قال في البحار بعد نقل ذلك: وقال الوالد (قدس سره) يمكن تخصيص العمومات بتلك الأخبار الصحيحة لكن الأحوط عدم التغيير مع الصيغة. انتهى. وقال العلامة في التذكرة: من كان له في داره مسجد قد جعله للصلاة جاز له تغييره وتبديله وتضييقه وتوسيعه حسبما يكون أصلح له لأنه لم يجعله عاما وإنما قصد اختصاصه بنفسه وأهله، ولرواية أبي الجارود وهل تلحقه أحكام المساجد من تحريم إدخال النجاسة إليه ومنع الجنب من استيطانه وغير ذلك؟ الأقرب المنع لنقص المعنى فيه. انتهى قال في البحار بعد نقله: وكلامه يشعر بالتردد مع الوقف كذلك أيضا كما احتمله الوالد (قدس سره) انتهى.
أقول: قد عرفت في المسألة السابقة أنه لا دليل على اعتبار صيغة الوقف في المساجد العامة بل الأدلة ظاهرة في العدم وإنما هذا أمر ذهبوا إليه بالتقريب المتقدم ذكره ثمة، وهذه الأخبار الواردة في هذا المقام ليس فيها أزيد من الدلالة على اتخاذ موضع من داره للخلوة في الصلاة فيه وبذلك أطلق عليه لفظ المسجد، والناس ظنوا من اطلاقهم (عليهم