وقال في المدارك إن الواجب الايماء في الحالين للركوع والسجود بالرأس إن أمكن وإلا فبالعينين. والظاهر أنه مستنبط من حكم صلاة المريض وإلا فالروايات المذكورة لا إشارة فيها إليه إذ الظاهر منها إنما هو ما قلناه. وأوجب الشهيد في الذكرى الانحناء فيهما بحسب الممكن بحيث لا تبدو معه العورة وأن يجعل السجود أخفض محافظة على الفرق بينه وبين الركوع، واحتمل وجوب وضع اليدين والركبتين وإبهامي الرجلين في السجود على الكيفية المعتبرة، قال في المدارك: وكل ذلك تقييد للنص من غير دليل، نعم لا يبعد وجوب رفع شئ يسجد عليه لقوله (عليه السلام) في صحيحة عبد الرحمان الواردة في صلاة المريض (1): ويضع وجهه في الفريضة على ما أمكنه من شئ. انتهى.
أقول: أما ما اعترض به على كلام الشهيد (قدس سره) من أنه تقييد للنص بغير دليل فجيد في ما عدا خفض الرأس للسجود فإنه قد صرح به في الفقيه في آخر صحيحة زرارة المتقدمة كما ذكرناه وفي رواية أبي البختري فلا يرد ما ذكره فيه. وأما ما ذكره من أنه لا يبعد وجوب رفع شئ يسجد عليه ففيه أنه بعيد إذ الاستناد في ذلك إلى الصحيحة المذكورة قياس لا يوافق أصولنا فإن أحكام المريض لا تنسحب هنا والروايات الواردة في المسألة عارية عما ذكره، وحينئذ فيرد عليه ما أورده على الشهيد (قدس سره) من أنه تقييد للنص بغير دليل.
(الثالث) - المستفاد من الأخبار وكذا من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن الايماء في حالتي القيام والجلوس على وجه واحد بمعنى أنه من قيام مع القيام ومن جلوس مع الجلوس، ونقل شيخنا في الذكرى عن شيخه السيد عميد الدين أنه كان يقوي جلوس القائم ليومئ للسجود جالسا استنادا إلى كونه حينئذ أقرب إلى هيئة الساجد فيدخل تحت " فأتوا منه ما استطعتم " (2) ورده جملة من المتأخرين بأن الوجوب حينئذ انتقل إلى الايماء فلا معنى للتكليف بالممكن من السجود.