ثم إنه لا يخفى عليك ما في مدافعة ما اختاره المحقق من القول بالجواز هنا لما اختاره في مسألة وبر الخز المغشوش بوبر الأرانب من المنع للروايتين المتقدمتين وقد تقدم نقل كلامه، فإنه إن كان الوبر المذكور مما لا تجوز الصلاة فيه فلا فرق بين كونه مغشوشا به غيره وبين كونه منفردا يصنع منه قلنسوة أو تكة بل الثاني أولى بالمنع وإلا فلا وجه لقوله بالجواز هنا، وكذلك يرد على صاحب المدارك أيضا حيث إنه في تلك المسألة نقل كلام المحقق وجمد عليه وهو مؤذن باختياره. والجواب - بأن صحيحة محمد بن عبد الجبار قد دلت على الجواز هنا وروايتا أحمد وأيوب بن نوح دلتا على المنع في تلك المسألة فوجب القول بكل منهما في ما دل عليه - مردود بأن هذه الروايات أيضا متعارضة متصادمة إذ المدار على جواز الصلاة في الوبر وعدمه منسوجا كان أو غير منسوج، إذ لا يعقل لنسجه خصوصية تخرجه عما كان عليه أولا من حل أو حرمة، فالقول بكل من الروايتين قول بالمتناقضين بل لا بد من الترجيح فيهما أو الجمع بينهما، وقضية الترجيح العمل بالصحيحة المذكورة فيمتنع قولهما بالمنع في الوبر المخلوط والحال كما عرفت. وبالجملة فالتعارض والتدافع بين قوليهما ظاهر كما لا يخفى.
ثم إنه لا يخفى أنه قد وقع لصاحب المدارك سهو في هذا المقام حيث إنه بعد أن نقل عن النهاية أولا القول بالمنع نقل عن النهاية أيضا القول بالجواز على كراهة، وهذا القول إنما هو في المبسوط لا النهاية كما جرى به قلمه هنا.
(المسألة السابعة) - قد تقدم في صحيحة أبي علي بن راشد النهي عن الصلاة في الثعالب وفي الثوب الذي يليه، وتقدم أيضا في صحيحة علي بن مهزيار النهي عن الصلاة فيها وفي الثوب الذي يليها ثم فسره (عليه السلام) بالثوب الذي يلصق بالجلد ونقل في بقية الرواية ما يدل على الثوب الذي فوقه والثوب الذي تحته، وتقدم أيضا في عبارة كتاب الفقه " وإياك أن تصلي في الثعالب ولا في ثوب تحته جلد ثعالب " وبذلك صرح الشيخ (قدس سره) في النهاية فقال: لا تجوز الصلاة في الثوب الذي يكون تحت وبر الثعالب