الظاهر أنه إنما يطلق على ما يتخذ من القطن أو الكتان أو الإبريسم ونحوها لا الجلود وإن قطعت كتقطيع الثياب. وأما ما ذكره من تحريم استصحاب غير الملبوس فلا يخلو من اشكال لأن الظاهر من النهي عن الصلاة في شئ إنما هو باعتبار كونه لباسا تحقيقا للظرفية المستفادة من لفظة " في " لا مستصحبا ولا محمولا، فالنهي عن الصلاة في الذهب وفي الحرير ونحوهما إنما هو باعتبار اللبس لا باعتبار مجرد الاستصحاب والحمل.
(المقام الثاني) - في جلد ما لا يؤكل لحمه وإن دبغ وصوفه وشعره ووبره وريشه، ويحرم الصلاة فيه بالاجماع كما نقله جمع من الأصحاب عدا ما استثنى مما يأتي ذكره في المقام إن شاء الله تعالى.
والأصل في ذلك الأخبار المتكاثرة: منها - ما رواه في الكافي في الموثق عن ابن بكير (1) قال: " سأل زرارة أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله (صلى الله عليه وأله) إن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وألبانه وكل شئ منه فاسدة لا تقبل تلك الصلاة حتى تصلي في غيره مما أحل الله أكله، ثم قال يا زرارة هذا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحفظ ذلك يا زرارة وإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائزة إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح، وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شئ منه فاسدة ذكاه الذبح أو لم يذكه ".
وصحيحة إسماعيل بن سعد الأحوص (2) قال: " سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الصلاة في جلود السباع فقال لا تصل فيها ".
وموثقة سماعة (3) قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها قال أما لحوم السباع من الطير والدواب فإنا نكرهه وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا منها شيئا تصلون فيه "