ويصلى عنده. وقال يصلى خلفه ولا يتقدم عليه ".
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام في هذه الأخبار يقع في مقامين: (الأول) في حكم قبر الإمام (عليه السلام) والصلاة عنده إما بالتقدم عليه أو المساواة له بأن يكون مما يلي رأسه أو رجليه وإما مع التأخر عنه، فهذه مواضع ثلاثة لا بد فيها من تنقيح الكلام بما يدفع عنها غشاوة الإبهام وتوضيحها من أخبارهم (عليهم السلام):
(الأول) - في حكم التقدم على القبر الشريف، اعلم أن ظاهر المشهور في كلام أصحابنا (رضوان الله عليهم) هو الجواز على كراهة، وممن صرح بذلك الشهيد في الدروس فقال: ولو استدبر القبر وصلى جاز وإن كان غير مستحسن إلا مع البعد. وقال العلامة في المنتهى بعد نقله صحيحة الحميري المتقدمة برواية الشيخ في التهذيب: واعلم أن المراد بقوله " لا يجوز أن يصلي بين يديه " الكراهة لا التحريم، ويفهم من ذلك كراهة الاستدبار له في غير الصلاة. انتهى. وظاهره عدم المخالف في الحكم المذكور وإلا لذكره كما هي عادتهم في الكتب الاستدلالية. وهو الظاهر أيضا من كلام المحقق الأردبيلي (قدس سره) في شرح الإرشاد حيث قال - بعد البحث عن حكم الصلاة إلى القبور ونقل صحيحة الحميري في الرد على مذهب الشيخ المفيد (قدس سره) - ما صورته: فالقول بالكراهة غير بعيد في قبر غير المعصوم إلا أن يجعل القبر خلفه فإنه يكره حينئذ لما مر. انتهى. وملخصه اختيار كراهية الصلاة إلى سائر القبور غير قبر المعصوم فإنه يجوز الصلاة إليه من غير كراهة للصحيحة المذكورة إلا أن يجعل قبر المعصوم خلفه فإنه تحصل الكراهة للرواية المذكورة. وهو الظاهر أيضا من كلام المحدث الكاشاني في المفاتيح حيث قال: ويكره أن يصلي بين المقابر إلا مع بعد عشر أذرع، إلى أن قال في سياق الكراهة وأن يستدبر لقبره (عليه السلام) بل التقدم على ضريحه المقدس مطلقا كما في الصحيح بل لا يبعد تحريمه لظاهر النهي. وهو ظاهر المحقق أيضا في المعتبر كما ستقف عليه قريبا حيث طعن في الصحيحة المذكورة وردها بأشنع رد.