فإن الملك والأحكام الشرعية لا تتعلق به خاصة بل يعم الفراغ الموهوم أو الموجود فكل منهما عبارة حقيقة عن الكون أو يشتمل عليه. انتهى.
أقول: قال في المعتبر: مسألة - لا تصح الصلاة في مكان مغصوب مع العلم بالغصب اختيارا وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم ووافق الجبائيان وأحمد في إحدى الروايتين وخالف الباقون (1) لنا - أنها صلاة منهي عنها والنهي يدل على فساد المنهي عنه (لا يقال) هذا باطل بالوضوء في المكان المغصوب، وبإزالة عين النجاسة بالماء المغصوب وبأن النهي يدل على الفساد حيث يكون متناولا لنفس العبادة، وليس في صورة النزاع كذلك بل النهي متناول لعارض خارج عن ماهية الصلاة فلا يكون مبطلا (لأنا نقول) الفرق بين الوضوء في المكان المغصوب والصلاة فيه أن الكون بالمكان ليس جزء من الوضوء ولا شرطا فيه وليس كذلك الصلاة فإن القيام جزء من الصلاة وهو منهي عنه لأنه استقلال في المكان المنهي عن الاستقلال فيه وكذا السجود وإذا بطل القيام والسجود وهما ركنان بطلت الصلاة، وإزالة النجاسة ليست بعبادة إلا مع نية التقرب وإذا جاز أن تقع غير عبادة أمكن إزالة النجاسة وإن كان المزيل عاصيا بالإزالة كما يصح إزالة عين النجاسة من الكافر والطفل، أما الصلاة فإنها لا تقع إلا عبادة فلا تقع صحيحة مع النهي عنها. وقوله " النهي لم يتناول العبادة " قلنا النهي يتناول العبادة بطريق اللزوم. لأنه يتناول القيام والسجود ويلزم من بطلانهما بطلان الصلاة. انتهى.
أقول: فيه (أولا) ما أشرنا إليه في مسألة اللباس من أنه بمجرد لبس الثوب المغصوب يتحقق الغصب ويترتب الإثم ابتداء واستدامة وهو أمر خارج عن الحركات المخصوصة من حيث هي حركات أعني القيام والقعود والركوع والسجود، غاية ما في الباب أنها قارنت ذلك التصرف المحرم المنهي عنه والنهي عن المقارن لا يوجب النهي عن المقارن الآخر، فتوجه النهي إلى القيام والسجود كما ذكره ممنوع.