وقيل بالكراهة في بطون الأودية التي يخاف فيها هجوم السيل، والظاهر أنه يرجع إلى الأول لأن المراد بالمجاري ما يحصل فيه الجريان من واد وغيره، وقد روى الشيخان في الكافي والتهذيب عن أبي هاشم الجعفري (1) قال: " كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) في السفينة في دجلة فحضرت الصلاة فقلت جعلت فداك نصلي في جماعة؟
فقال لا يصلي في بطن واد جماعة " وهذا الخبر كما يدل على صدق الوادي على المجرى من حيث اتساعه كذا يدل على أن حكم الصلاة في السفينة إذا كانت في مجرى الماء حكم أصل المجرى. وبه يتجه دخول هذا الفرد تحت الحكم المذكور كما صرح به شيخنا المتقدم ذكره. ولعل التخصيص بالجماعة وقع من حيث سؤال السائل عن الجماعة فلا منافاة لما دل على الحكم المذكور مطلقا.
بقي هنا شئ وهو أنه قال في المدارك بعد تفسير مجرى المياه بأنها الأمكنة المعدة لجريانها فيها: وقيل تكره الصلاة في بطون الأودية التي يخاف فيها هجوم السيل، قال في النهاية فإن أمن السيل احتمل بقاء الكراهة اتباعا لظاهر النهي وعدمها لزوال موجبها ولم أقف على ما ادعاه من الاطلاق. انتهى. أقول: الظاهر أن ما ذكره من عد الأودية هنا بناء على دخولها تحت مجرى المياه باعتبار جريان السيول فيها فيصدق عليها مجرى المياه وحيث إن العلامة ادعى احتمال بقاء الكراهة وإن أمن السيل تمسكا بالاطلاق رده السيد (قدس سره) بأنه لا نص في هذه المسألة بالكلية حتى يستند إلى اطلاقه.
أقول: أما النهي عن بطون الأودية فقد ورد وإن لم يكن مشهورا إلا أن كون العلة فيه ما ذكره من هجوم السيل غير معلوم بل ربما علل بأمر آخر، فالأظهر أن يجعل هذا فردا من أفراد المسألة على حدة وهو كراهة الصلاة في بطون الأودية.
والذي يدل عليه ما رواه الصدوق في كتاب المجالس في جملة المناهي المنقولة عنه (صلى الله عليه وآله) (2) قال: " ونهى أن يصلي الرجل في المقابر والطرق