الدليل العقلي لا يساعد على البطلان فإن النهي ضمنا إنما يتوجه إلى الضد العام للتخلص من المغصوب وهو تركه لا للأضداد الخاصة. وبالجملة فلا نص يعول عليه في أمثال ذلك ولا يتحقق بدونه الحكم ببطلان الصلاة بالنهي عما ليس شرطا للصلاة ولا جزء. والله أعلم بحقيقة الحال. انتهى. أقول: وملخصه هو صحة الصلاة وإن أثم من حيث التصرف في المغصوب بناء على ما قدمناه من أن التصرف في كل شئ بحسب ما يليق به وما يترتب عليه من المنفعة. وهو جيد.
(الخامس) - هل يكفي في شاهد الحال في هذا المقام الدلالة الظنية أو لا بد من العلم؟ قولان ظاهر المشهور الأول وصرح جمع: منهم - السيد السند في المدارك بالثاني، وأكثر الأصحاب فسره بما إذا كان هناك أمارة تشهد بأن المالك لا يكره وهو أعم من العلم.
ويمكن أن يؤيد القول المشهور بعمومات الأخبار الدالة على جعل الأرض مسجدا له (صلى الله عليه وآله) (1) فإن المراد به محل الصلاة كما فسره به الأصحاب (رضوان الله عليهم) وأطلق السجود على الصلاة تسمية للكل باسم الجزء، وفي بعض تلك الأخبار " جعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجدا... الحديث " (2) وفي بعض آخر " إن الله تعالى جعل لي الأرض مسجدا وطهورا أينما كنت أتيمم من تربتها وأصلي عليها " (3).
وأنت خبير بأن الأنسب بسعة هذا الامتنان منه سبحانه على رسوله (صلى الله عليه وآله) وعلى أمته هو الاكتفاء بمجرد ظن الرضا، على أن اعتبار العلم ينفي فائدة هذا الحكم إذ قلما يتحقق ذلك في مادة.
والظاهر - كما استظهره جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم): - منهم الفاضل الخراساني في الذخيرة وشيخنا المجلسي في البحار - هو جواز الصلاة في كل موضع لا يتضرر المالك بالكون فيه وكان المتعارف بين الناس عدم المضايقة في أمثاله وإن فرضنا عدم