أقول: لا يخفى عليك ما في هذا الكلام من الوهن وتطرق الاشكال وإن كان قد سبقه إليه الشهيد في الذكرى حيث قال: وفي اجتزاء المنفرد بهذا الأذان نظر أقربه ذلك لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى. وفيه أنه متى اعترف بكون مورد النصوص إنما هو الإمام كما يظهر من كلامهم فحمل المنفرد عليه قياس محض، والتستر بكونه أولى وأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى لا يجدي نفعا، على أنه لو ثبتت الأولوية فالخروج عن القياس محل بحث قد سلف تحقيقه في مقدمات الكتاب. نعم يمكن أن يقال إن ظاهر اطلاق صحيحة ابن سنان المتقدمة يشمل المصلي منفردا وأكثر الأصحاب لم يذكروها في أدلة المسألة وإنما ذكروا الروايتين الأخيرتين المشتملتين على الجماعة، إلا أن لقائل أن يقول يمكن أن يكون اطلاقها محمولا على تقييد الروايتين المذكورتين. وبالجملة فإن مقتضى الأدلة ثبوت الأذان والإقامة مطلقا إلا ما قام الدليل الواضح على خروجه فيجب الحكم به ويبقى ما عداه، ويعضد اقتضاء الاحتياط ذلك.
(الثالث) - المستفاد من روايتي أبي مريم وعمرو بن خالد الاجتزاء بسماع الإقامة أيضا إلا أن رواية أبي مريم قيدته بعدم الكلام بعد الإقامة أو في خلالها.
وهو جيد لما عرفت آنفا من أن الكلام في الإقامة أو بعدها موجب لإعادتها ففي السماع بطريق أولى (1).
(الرابع) - هل يستحب إعادة الأذان والإقامة في هذه الصورة للسامع المنفرد على القول به أو للإمام أو لمؤذنه في الجماعة أم لا؟ وجهان أقربهما نعم لظاهر صحيحة ابن سنان فإن ظاهر قوله: " وأنت تريد أن تصلي بأذانه " التخيير بين الصلاة وعدمها، ويؤيده أن ظاهر سياق رواية أبي مريم المذكورة أن جميع ما ذكر فيها إنما خرج مخرج الرخص، وإلى ما ذكرنا يميل كلام السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني