اعتداد الرجال به وإن جوزنا سماع صوت الأجنبية من حيث عدم ورود النقل بذلك والعبادات مبنية على التوقيف، كذا صرح به في المدارك.
ويمكن الجواب بأن ما يدل على الاعتداد بسماع الأذان وإن كان ظاهره كون المؤذن رجلا إلا أنه لا تعلم هنا خصوصية للرجل في ذلك، فيتعدى الحكم بطريق المناط القطعي إلى كل مؤذن من رجل وامرأة كما في سائر جزئيات الأحكام وإن صرح بالرجل فإنهم لا يختلفون في تعدية الحكم إلى النساء ما لم تعلم الخصوصية، ولا يخفى على المتتبع أن أكثر الأحكام الشرعية المتفق على عمومها للرجال والنساء إنما وردت في الرجال لكونه هو المسؤول عنه أو أن يقع ذلك ابتداء من الإمام (عليه السلام) ولو خصت الأحكام بموارد الأخبار وإن لم تعلم الخصوصية لضاقت الشريعة ولزم القول بجملة من الأحكام من غير دليل وهو ظاهر البطلان.
قال في الذكرى: وفي حكم المرأة الخنثى فتؤذن للمحارم من الرجال والنساء ولا جانب النساء لا لأجانب الرجال، ثم قال ولعل الشيخ يجعل سماع الرجل صوت المرأة في الأذان كسماعها صوته فيه فإن صوت كل منهما بالنسبة إلى الآخر عورة. انتهى.
أقول: لا يخفى ما بين هذين الكلامين من التدافع فإن ظاهر الكلام الأخير أنه يحرم على المرأة سماع صوت الرجل وأنه عورة بالنسبة إليها كما يحرم عليها النظر إليه ومقتضى هذا أن الخنثى لا تؤذن لأجانب النساء من حيث احتمال الرجولية مع أنه جوزه. ثم إن ما ذكره - من أن صوت الرجل عورة بالنسبة إلى المرأة كبدنه فيحرم عليها سماع صوته كما يحرم عليها النظر إلى جسده - لم أقف له على دليل بل الدليل على خلافه واضح السبيل، نعم تحريم النظر إلى جسده منصوص أما سماع الصوت فلا ولا أعلم أيضا قائلا بذلك سواه، وقد عرفت أن ما ظاهرهم الاتفاق عليه من تحريم سماع صوت المرأة لا دليل عليه بل الدليل دال على خلافه فالعكس أولى بالجواز. والله العالم.
(المسألة الثالثة) - قد عرفت أنه لا يؤذن لشئ من النوافل ولا الفرائض