أقول: ظاهر رواية أبي البختري المتقدمة يعطي التأخير إلا أنها مع عدم صحتها ليست صريحة في الوجوب لما عرفت في ما تقدم من أن لفظ " ينبغي ولا ينبغي " في الأخبار من الألفاظ المتشابهة، وكيف كان فهي دالة على رجحان التأخير.
(السادس) - قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لو لم يجد إلا ثوب حرير أو ثوبا مغصوبا أو جلد ميتة أو جلد ما لا يؤكل لحمه لم يجز له الصلاة في شئ من ذلك وصلى عاريا للنهي عن الصلاة في هذه الأشياء. وهو جيد بالنسبة إلى ما عدا الثوب المغصوب لوجود الأخبار الدالة على ما ادعوها أما في المغصوب فسيأتي تحقيق الكلام فيه إن شاء الله تعالى وأما في الثوب النجس فيبنى على ما سبق من الخلاف في المسألة في كتاب الطهارة من جواز الصلاة في النجاسة مع تعذر ساتر غير النجس أو الانتقال إلى الصلاة عاريا.
(السابع) قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأن الستر يراعى من الجوانب الأربعة ومن فوق ولا يراعى من تحت فلو صلى على طرف سطح بحيث ترى عورته من تحت فاشكال ينشأ من أن وجوب الستر إنما يراعى من الأماكن التي جرت العادة بالنظر إليها، ومن أن الستر من تحت إنما يفتقر إذا كان الصلاة على وجه الأرض كما هو الغالب. والمسألة غير منصوصة إلا أن الظاهر هو وجوب الستر لأن اغتفاره في المواضع التي جرت العادة بعدم الرؤية فيها لا يوجب اغتفاره في ما يحصل فيه الرؤية، ويؤيده أنه الأوفق بالاحتياط الذي هو عندنا واجب في موضع اشتباه الحكم.
(الثامن) - لو كان في ثوبه خرق فإن لم يحاذ العورة فلا اشكال ولو حاذاها بطلت صلاته للاخلال بشرطها، ولو جمعه بيده بحيث يتحقق الستر بالثوب فلا اشكال في الصحة كما صرح به الأصحاب (رضوان الله عليهم) أيضا، ولو وضع يده عليه أو يد غيره في موضع يجوز له الوضع بحيث إن الستر إنما استند إلى اليد فقد صرح جمع من الأصحاب بالبطلان لعدم فهم الستر ببعض البدن من اطلاق الساتر. وهو قريب إلا أن