الاشكال بالأخبار التي أوردناها دالة على أنها من المسجد القديم الذي خطه إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) ويمكن أن يقال مع الاغماض عن الاشكال المذكور أن المسجد الحرام الذي يثبت له الاحترام زيادة على غيره يقتصر فيه على ما رسمه المعصوم ولا يجوز الزيادة فيه بخلاف غيره من المساجد التي وضعت لصلاة الناس فيها ويمكن اجراء هذا الكلام أيضا في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) لاختصاصه بمزيد شرف على سائر المساجد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في فضل الصلاة فيه زيادة على غيره فيمكن الحكم بتحريم الزيادة فيه وإن لم يكن غصبا كما أشرنا إليه آنفا وحينئذ فيبقى هذا الحكم مختصا بغير المسجدين المذكورين.
وأما الاحتجاج بعدم انكار علماء ذلك العصر فهو أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت، لأن البدع الصادرة عن خلفاء الجور الذين هم أئمة الحق عندهم جائزة بل واجبة الاتباع فكيف ينكرها علماؤهم، ألا ترى إلى أعذار علمائهم عن بدع الثلاثة المتقدمين بنحو ما قلناه من أن الخليفة له أن يعمل بما يراه الأصلح والأولى في جميع الأمور.
وبالجملة فالأمر أظهر من أن ينكر ومن أحب تحقيق ذلك فليرجع إلى كتابنا سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد.
ثم إنه صرح في الذكرى على تقدير جواز النقض بأنه لا ينقض إلا بعد الظن الغالب بوجود العمارة، ولو أخر النقض إلى اتمامها كان أولى إلا مع الاحتياج إلى الآلات واستحسنه جملة ممن تأخر عنه ولا بأس به.
ثم إنه قد صرح الشهيدان (قدس سرهما) بأنه يجوز احداث باب زائد لمصلحة عامة كازدحام المسلمين في الخروج والدخول فيوسع عليهم، ولو كان لمصلحة خاصة كقرب المسافة على بعض المصلين احتمل جواز أيضا لما فيه من الإعانة على القربة وفعل الخير. وكذا يجوز فتح شباك وروزنة للمصلحة العامة وفي جوازه للمصلحة الخاصة الوجهان بقي الكلام في أنه قد اشتهر في هذه الأعصار جواز حفر بئر في المسجد لأجل