في رواية الثمالي المتقدمة في الموضع الثاني: " وإن شئت صليت خلفه وعند رأسه أفضل " نعم اجراء هذا الحمل في صحيحة زرارة ومرسلة الفقيه لا يخلو من بعد، ولهذا احتمل بعض مشايخنا في معناهما أن المراد أنه لا يجوز أن يجعل قبره (صلى الله عليه وآله) قبلة يعني مثل الكعبة يصلي إليها من كل جهة ولا مسجدا يعني السجود على القبر. والظاهر عندي بعده ولا سيما في الصحيحة المذكورة لأن هذا الكلام وقع تعليلا للنهي عن اتخاذ شئ من القبور قبلة وإنما يصلي خلالها يعني من غير أن يجعل شيئا منها قبلة، ومن الظاهر البين أن المراد من هذا الكلام إنما هو النهي عن الصلاة خلفها لا استقبالها من جميع الجهات فلو حمل الكلام الذي وقع تعليلا على ما ذكروه لم يصلح للتعليل مع أنه مسوق له نعم يمكن حمل الخبرين المذكورين على التقية لأن العامة قد رووا نحوه عنه (صلى الله عليه وآله) (1) كما نقله العلامة في المنتهى، مع إمكان حمل الخبرين على التخصيص به (صلى الله عليه وآله) دون سائر قبور الأئمة المعصومين (عليهم السلام) كما يؤذن به التعليل الذي في الخبر من التشبه باليهود.
وبالجملة فالظاهر عندي هو جواز الصلاة خلف قبورهم (عليهم السلام) وإن كان على كراهية، قال السيد السند في المدارك - بعد أن نقل كلام الشيخ المفيد (قدس سره) وبين أن أشار بالرواية إلى صحيحة الحميري المتقدمة - ما صورته: ولا بأس بالعمل بهذه الرواية لصحتها ومطابقتها لمقتضى الأصل والعمومات. وذكر المصنف في المعتبر أنها ضعيفة شاذة. وهو غير واضح. انتهى.
(المقام الثاني) - في حكم سائر القبور، والمشهور بين الأصحاب - كما عرفت - الحكم بالجواز على كراهة، وتقدم أيضا مذهب المشايخ القائلين بالتحريم. وأما الأخبار المتعلقة بذلك فقد عرفت دلالة صحيحة زرارة على جواز الصلاة خلال القبور والمنع من اتخاذها قبلة ومثلها صحيحة معمر بن خلاد، والأصحاب قد حملوهما على الكراهة جمعا