لا يخفى على من تأمل الأخبار أنه كثيرا ما يؤكدون (عليهم السلام) في المنع من المكروهات بما يكاد يلحقها بالمحرمات كما يؤكدون في المستحبات بما يكاد يلحقها بالواجبات، ويدل على حمل ذلك على الكراهة قوله (عليه السلام) في حديث القماط " إن شاءت فعلت وإن شاءت لم تفعل " وقوله (عليه السلام) في رواية أبي بصير المتقدمة " إلا أن تحب أن تختمر " ويؤيده التعبير في كثير من الروايات بأنه ليس عليها. وبالجملة فالأظهر هو الكراهة كما هو المشهور بين الأصحاب، ويقرب حمل أخبار الضرب الظاهرة في التحريم على التقية كما تقدم نقله عن عمر ويشير إليه قوله (عليه السلام) في رواية القماط بعد افتائه بالتخيير " سمعت أبي يقول كن يضربن " إذ الظاهر كونه إشارة إلى ما رواه العامة عن عمر، ويؤيده اسناد الحكم إلى أبيه في أكثر هذه الأخبار، وكيف كان فالأظهر الكراهة.
نعم يبقى الاشكال في العتق فإن الظاهر من الأخبار المانعة من التقنع جواز كشفه ولا سيما خبر علي بن جعفر المتقدم نقله من كتاب قرب الإسناد الدال على جواز صلاتها في قميص واحد فإن القميص لا يستر العنق. وبالجملة فإن اغفاله في هذه الأخبار مع اشتمالها على النهي عن التقنع ظاهر في جواز كشفه وأنه من جملة الرأس المرخص في كشفه أو المكروه تغطيته. وبما قلناه من جواز كشفه صرح جملة من أصحابنا المتأخرين ومتأخريهم.
(الثانية) - قد صرح جملة من الأصحاب: منهم الشيخ - (قدس سره) بأنه يجب على الأمة ستر ما عدا الرأس، قال في المعتبر بعد أن حكى ذلك عن الشيخ:
ويقرب عندي جواز كشف وجهها وكفيها وقدميها لما قلناه في الحرة. انتهى. واستدرك عليه الشهيد في الذكرى ذلك فقال بعد نقله عنه: قلت ليس هذا موضع التوقف لأنه من باب المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به ولا نزاع في مثله. وهو جيد بناء على ما هو المشهور، إلا أن فيه ما عرفت آنفا في الكفين والقدمين.
(الثالثة) - لو انعتق بعض الأمة وجب عليها ستر رأسها لعدم دخولها تحت الأخبار المتقدمة فإن المذكور فيها من كانت أمة والمتبادر منها هي المملوكة كملا، قال في