لغير الأولى من الفوائت مع الجمع بينها كان وجها قويا لعدم ثبوت التعبد به على هذا الوجه. انتهى. وهذا بعينه آت في ما نحن فيه فإن الروايات - كما قدمناها في تلك المسألة - دلت على أن الأذان للأولى خاصة وأن ما بعدها بإقامة إقامة فيخص بها أخبار الأذان المطلقة، وبه يظهر أن التعبد به في هذه الصورة غير ثابت وكذا ما نحن فيه فإن الأخبار كما عرفت قد تكاثرت في صورة الجمع بأنه يؤذن للأولى خاصة ويقيم للثانية من غير أذان. والتقريب المذكور الذي رجح به عدم إعادة الأذان في بقية الفرائض المقضية آت في ما نحن فيه فكيف غفل عن ذلك وحكم بالتحريم بعصر عرفة وعشاء المزدلفة ومثله الفاضل الخراساني الذي تبعه في تينك المسألتين المتقدمتين أيضا.
و (أما ثانيا) فلصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة والتقريب فيها أن الظاهر - كما صرح به جملة من الأصحاب - أن ترك الأذان في الصورتين المذكورتين فيها ليس إلا لخصوص الجمع لا للبقعة وقد دلت على أن السنة هو ترك الأذان فيكون الآتي به مخالفا للسنة وليس بعد ذلك إلا كونه بدعة وبه يثبت أن الاتيان به في مقام الجمع - حيثما كان - بدعة.
ويعضد ما ذكرناه من أن ترك الأذان في عصر عرفة وعشاء المزدلفة إنما هو من حيث الجمع لا لخصوص البقعة خبر حريز المذكور في السلس فإنه من الظاهر أن ذلك أيضا ليس من حيث خصوصية السلس بل من حيث مقام الجمع وأن السنة في مقام الجمع حيثما كان وكيفما كان هو سقوط أذان الثانية فيجب اطراد الحكم في روايات المستحاضة الدالة على الجمع وإن لم يصرح فيها بالأذان والإقامة بالتقريب المذكور في هذه الأخبار.
وأما ما ذكره الفاضل الخراساني في الذخيرة هنا من الاحتمالات والمناقشات التي ليس في التعرض لنقلها كثير فائدة فضعفها يعلم مما حققناه. والله العالم.
(المسألة الثامنة) - لو صليت الفريضة جماعة في المسجد ثم جاء آخرون وأرادوا الصلاة جماعة أو فرادى لم يؤذنوا ولم يقيموا وبنوا على أذان الجماعة السابقة وإقامتها ما لم تتفرق الصفوف وإلا أذنوا وأقاموا، قال الشيخ: والوجه أن الأذان اعلام بدخول الوقت