على أنه يلزم من القول بالصحة اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد وهو محال عقلا وكل ما استلزم المحال فهو باطل، والحال أنه قد اعترف بصحة الاجتماع في مثال الخياطة بالتقريب المذكور، وبه يتحقق بطلان دليلهم على بطلان الصلاة في المكان المغصوب. وجوابه بأن هذا الاجتماع إنما يقتضي... الخ لا تعلق له بأصل المسألة بل يكفي الخصم اعترافه بصحة الاجتماع إذ مبنى دليلهم على عدم جواز الاجتماع كما عرفت. على أن التحقيق أن ما ذكره من صحة الحج وسقوط الواجب مع قطع الطريق المغصوب إنما نشأ من حيث اختلاف جهتي الأمر والنهي كما ذكرنا لا من حيث ما ذكره، ألا ترى أنه لو نهى الشارع عن سلوك الطريق المغصوب إلى الحج وحج مع سلوكه للزم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد من جهة واحدة ولزم منه فساد الحج البتة لرجوع النهي إليه بطريق الآخرة المستلزم لفساده، والقول بصحة الحج هنا ممنوع ولا أظنه يقول به. ومثله يأتي في مثال الخياطة لو نهى السيد عن الخياطة في مكان مخصوص فإنه يلزم اجتماع الأمر والنهي من جهة واحدة في أمر واحد، وحينئذ فحصول الامتثال ممنوع. وحصول الامتثال في الفرض الأول إنما نشأ من حيث اختلاف جهتي الأمر والنهي وإن كانا في شئ واحد لا من حيث ما ذكره. وجوابه بأن الاجتماع إنما يقتضي فساد الكون خاصة إنما يتجه على الثاني وأما على الأول فإنه يقتضي فساد الخياطة وعدم الامتثال لما أمر به السيد البتة. نعم يمكن الجواب عن مثال الخياطة بأن يقال إنه على تقدير وجوب المقدمة مطلقا لنا أن نقول إن الكون هنا ليس مقدمة حتى يلزم أن يكون مأمورا به بل هو من لوازم وجود الجسم، إذ المقدمة هي الطريق التي يتوصل بها إلى الشئ وظاهر أن الكون ليس كذلك فلا يلزم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد. ولو أنه (قدس سره) أجاب بذلك لا ندفع عنه ما ذكرناه من الإيراد وتم له المراد.
وبالجملة فالمسألة - كما قدمنا في حكم اللباس - لا تخلو من شوب الاشكال والاحتياط فيها بالعمل على القول المشهور، ويؤيده ما رواه ابن أبي جمهور في كتاب عوالي اللئالي