لسقوط الطلب عندها كما هو في سلوك الطريق المغصوب إلى الميقات عند وجوب الحج فتأمل. انتهى.
أقول - وبالله التوفيق إلى هداية سواء الطريق -: الظاهر أن ما ذكره في الذكرى - من التعليل بكون الحركات والسكنات منهيا عنها والنهي في العبادة موجب للفساد - فهو عليل لا يهدي إلى سبيل لما قدمنا تحقيقه في مسألة اللباس من أن القدر المعلوم المتفق عليه هو أن النهي إذا توجه للعبادة من حيث هي عبادة فهو مبطل لها، وأما إذا توجه إليها باعتبار أمر خارج فلا وعلى مدعي البطلان البيان وإقامة الدليل والبرهان لما سيظهر لك إن شاء الله تعالى في هذا المكان زيادة على ما تقدم، وهذه الحركات والسكنات إنما توجه النهي إليها من حيث إنها تصرف في مال الغير بغير إذنه، على أنا قد قدمنا أيضا منع توجه النهي بالكلية فإن النهي إنما توجه إلى لبس هذا الثوب من أول الأمر غاية الأمر أنه قارنه الحركات والسكنات في هذا الثوب وأحدهما غير الآخر وأما ما ذكره في المدارك من التعليل فالظاهر أيضا أنه عليل لا يبرد الغليل، فإن للقائل أن يقول إن ما ذكره - من أن اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد محال وهو الذي بنى عليه الاستدلال - إن أريد به مع اتحاد جهتي الأمر والنهي فهو مسلم ولكن الأمر هنا ليس كذلك لما عرفت في مسألة اللباس، وإن أريد ولو مع اختلافهما فهو ممنوع وعلى المدعي اثباته بالدليل القاطع والبرهان الساطع وأنى به؟ ومستند المنع ما قدمنا ثمة من أنه مأمور بإزالة النجاسة عن الثوب والبدن لأجل الصلاة ومنهي عن الإزالة بالمغصوب مع أنه لو أزالها بالماء المغصوب صح ذلك وجاز الدخول به في الصلاة، وكذلك ما ذكره من سلوك الطريق المغصوب إلى الحج فإنه مأمور به من حيث كونه مقدمة للواجب ومنهي عنه من حيث كونه تصرفا في مال الغير بغير إذنه فقد اجتمع الأمر والنهي في شئ واحد. وبعين ذلك نقول في الصلاة فإن الحركات والسكنات التي هي عبارة عن القيام والقعود والركوع والسجود مأمور بها من حيث كونها أجزاء من الصلاة