فأجاب (عليه السلام) بأنه لو كان كذلك فإنه لا اختصاص له بالولادة بل يجري في الحيض الذي هو أحد أسباب البلوغ أيضا مع أنه ليس على الأمة التقنع في الصلاة مطلقا.
وفيه إشارة إلى تساوي حالها قبل الولادة وبعدها في عدم التقنع قال في الوافي في ذيل هذا الخبر: كأن الراوي ظن أن حد وجوب التقنع على النساء إذا ولدن فنبهه (عليه السلام) أن حده إذا حضن وأنه ساقط عن الإماء في جميع الأحوال. انتهى وظني بعده عن سياق الخبر إلا أنه دال على ما قلناه من عدم وجوب التقنع على أم الولد ولو مع وجود الولد، وحينئذ فلا يلتفت إلى دلالة المفهوم مع وجود المنطوق. وأما ما ذكره في الذخيرة - من أن هذه الرواية لا تصلح لمعارضة الخبرين الآخرين لأنه لو سلم مفهومها لم يكن واضح الدلالة على الوجوب كما لا يخفى فغير متوجه وكيف لا ومفهوم الشرط لا اشكال في حجيته كما اعترف به في مواضع من كتابه وعليه المحققون من الأصوليين معتضدا ذلك بالأخبار المتقدمة في مقدمات الكتاب، والخبران المشار إليهما في كلامه وهما صحيحتا عبد الرحمان ومحمد بن مسلم الثانية مطلقتان وهذه مقيدة بناء على حجية المفهوم المذكور فلا تعارض إذا المقيد يحكم على المطلق كما هو القاعدة، فكلام السيد لا يخلو من قوة لولا دلالة الصحيحة المذكورة كما أوضحناه. وبالجملة فإنك قد عرفت أن مقتضى الأخبار المتقدمة في سابق هذه المسألة أن بدن المرأة كله عورة يجب سترة في الصلاة حرة كانت أو أمة استثنى من ذلك ما قام عليه الدليل من الأمة بهذه الأخبار وبقي ما عدا موضع الاستثناء على الوجوب، وبذلك يظهر لك ضعف قوله: " إنه لو سلم مفهومها لم يكن واضح الدلالة في الوجوب " فإن الوجوب ثابت بتلك الأخبار المشار إليها لا بهذا الخبر غاية الأمر أنه قد استثنى من الوجوب في المرأة مطلقا ما قام عليه الدليل بهذه الأخبار وهي أمة. وهذا بحمد الله سبحانه واضح لا سترة عليه.
بقي في المقام فوائد يجب التنبيه عليها: (الأولى) - قال في المعتبر: وهل يستحب لها القناع؟ قال به عطاء ولم يستحب الباقون لما رووه أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع