التعليلات العقلية في الأحكام الشرعية مجازفة بل جرأة علي ذي الجلال، ولا سيما مع ما عرفت من قبول الأمور العقلية للاختلاف باختلاف الأفكار والأفهام وتطرق الاختلال.
هذا، وممن صرح بطلان الطهارة في المكان المغصوب العلامة في النهاية والتذكرة قال: وكذا لو أدى الزكاة وقرأ القرآن المنذور في المكان المغصوب لا يجزئان. أما الصوم في المكان المغصوب فجزم بصحته لأنه لا مدخل للكون فيه. وأورد عليه بعدم الفرق بين الصوم وقراءة القرآن مثلا.
إذا عرفت ذلك فتنقيح البحث في المسألة يتوقف على بيان أمور:
(الأول) - الظاهر أنه لا خلاف في معذورية جاهل أصل الغصب، وأما جاهل الحكم فالمشهور فيه عدم المعذورية، ومال في المدارك تبعا لبعض مشايخه المحققين - والظاهر أنه المحقق الأردبيلي (قدس سره) - إلى المعذورية.
وأما ناسي الغصب فظاهر الأصحاب أن الكلام فيه هنا كالكلام في اللباس ونحن قد قدمنا في ذلك البحث قوة التفصيل بين الوقت وخارجه والإعادة في الأول دون الثاني، وصاحب المدارك قد اختار هنا ما اختاره المصنف من عدم الإعادة مطلقا، حيث قال بعد أن ذكر أن صحة صلاة الجاهل بالغصب موضع وفاق بين العلماء: لأن البطلان تابع للنهي وهو إنما يتوجه إلى العالم والأصح أن الناسي كذلك لارتفاع النهي بالنسبة إليه ولهذا اتفق الكل على عدم تأثيمه. انتهى. أقول لا يخفى أن هذا الكلام على اطلاقه لا يخلو من الاشكال لأنه لو تم لاقتضى اطراده في غير مقام من عبادات الناسي مع أنه لا خلاف في بطلان صلاة من نسي ركنا من الصلاة، وأيضا فإنه استفاضت الأخبار بوجوب إعادة الصلاة على من صلى في النجاسة ناسيا، وقد علل (عليه السلام) في بعض تلك الأخبار وجوب الإعادة باهماله التذكر حيث قال (عليه السلام) (1) " يعيد صلاته كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه " وهو - كما ترى - صريح