وبالجملة فإني لم أقف على من قال بالتحريم عملا بظاهر الصحيحة المذكورة سوى شيخنا البهائي (قدس سره) في ما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى في كلامه ثم اقتفاه جمع ممن تأخر عنه: منهم - شيخنا المجلسي، وهو الأقرب عندي إذ لا معارض للخبر المذكور بل في الأخبار ما يؤيده مثل حديث هشام بن سالم المتقدم نقله عن كتاب كامل الزيارات حيث قال فيه: " يصلي خلفه ولا يتقدم عليه " والاستناد إلى الأصل في مقابلة الخبر المذكور خروج عن مقتضى أصولهم وقواعدهم فإن الخبر صحيح صريح، ومن قواعدهم الخروج عن ذلك الأصل بالخبر الصحيح الصريح. ولا أعرف لهم مستندا في رد الخبر وتأويله بالحمل على الكراهة إلا التمسك بالأصل وقد عرفت ما فيه، أو عدم القول بذلك من المتقدمين كما هو أحد أصولهم. ولا يخفى وهنه كما تقدم ايضاحه في مقدمات الكتاب. ولو اقتصروا على أقوال المتقدمين لما انتشر بينهم الخلاف في المسائل الشرعية والأحكام الفرعية إلى ما هو عليه الآن كما لا يخفى على الفطن البصير ولا ينبئك مثل خبير.
(الموضع الثاني) - في حكم المحاذاة، قد عرفت من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) في الموضع الأول القول بجواز التقدم فالمحاذاة بطريق أولى، وقد تقدمت صحيحة الحميري الصريحة في جواز المحاذاة.
ويدل على ذلك جملة من الأخبار الدالة على استحباب الصلاة عند الرأس، ففي خبر جعفر بن ناجية عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " صل عند رأس قبر الحسين عليه السلام " وفي رواية أبي حمزة الثمالي عن الصادق (عليه السلام) (2) " ثم تدور من خلفه إلى عند رأس الحسين (عليه السلام) وصل عند رأسه ركعتين تقرأ في الأولى... إلى أن قال وإن شئت صليت خلف القبر وعند رأسه أفضل " وفي رواية صفوان