قال في الذكرى: ولو جمع الحاضر أو المسافر بين الصلاتين فالمشهور أن الأذان يسقط في الثانية، قاله ابن أبي عقيل والشيخ وجماعة سواء جمع بينهما في وقت الأولى أو الثانية لأن الأذان اعلام بدخول الوقت وقد حصل بالأذان الأول، وليكن الأذان للأولى إن جمع بينهما في وقت الأولى وإن جمع بينهما في وقت الثانية أذن للثانية ثم أقام وصلى الأولى لمكان الترتيب ثم أقام للثانية. انتهى.
أقول: ما ذكره في تعليل سقوط أذان الثانية من أن الأذان اعلام بدخول الوقت عليل كما عرفت مما قدمنا بيانه إذ لا دليل عليه، والأذان الإعلامي منفرد لا تعلق له بأذان الصلاة المخاطب به كل فرد فرد من أفراد المكلفين بخطابهم بالصلاة لما أسلفنا من الأخبار المتعلقة بكل منهما على حدة والفروع والأحكام المترتبة على كل منهما على حدة. وأضعف من ذلك قوله: " وليكن الأذان للأولى إن جمع بينهما في وقت الأولى... الخ " فإنه لا دليل عليه وإن وافقه الشهيد الثاني على ذلك وصار إليه والنصوص خالية من هذا التفصيل.
والظاهر أن هذا الكلام مبني على ما ذكره أولا من أن الأذان للاعلام فإنه متى كان القصد به الاعلام يكون وظيفة صاحبة الوقت فيقصد به صاحبة الوقت خاصة وهو كالمبني عليه في الضعف وعدم الدليل. وأشد ضعفا في كلامه في هذا المقام ما ذكره من أنه لو اتفق الجمع مع عدم استحبابه فإنه يسقط أذان الاعلام ويبقى أذان الذكر والاعظام، وقد تقدم ما فيه. والله العالم.
(المسألة السابعة) - لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في سقوط أذان عصر عرفة وعشاء المزدلفة.
ويدل عليه من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ثم يصلي ثم يقوم للعصر بغير أذان وكذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة ".