للجماعة وتأكده فيها بالأخبار حتى قيل بوجوبه كما عرفت فسقوطه في موضع من المواضع يحتاج إلى دليل واضح وبرهان لائح سيما مع ورود الموثقة المذكورة بتأييد عموم تلك الأخبار. وأما رواية أبي مريم فهي مع ضعف سندها عنده كما صرح به لا دلالة فيها على المدعى، فبأي دليل استجاز الخروج عن مقتضى الاستحباب والتأكيد في تلك الأخبار؟ ما هذه إلا مجازفات ظاهرة ومناقشات قاصرة، ولله در الفاضل الخراساني في الذخيرة في هذا المقام مع متابعته لصاحب المدارك في جل الأحكام حيث عدل عنه هنا وصرح باختيار القول المشهور. والله العالم.
(المقام الثالث) - في كيفية الأذان والإقامة وفيه أيضا مسائل:
(الأولى) - لا خلاف بين الأصحاب أنه في غير الصبح لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت وأما في الصبح فالمشهور الرخصة في تقديمه قبل الصبح ثم إعادته بعد طلوع الصبح، قال ابن أبي عقيل. الأذان عند آل الرسول (صلوات الله عليهم) للصلوات الخمس بعد دخول وقتها إلا الصبح فإنه جائز أن يؤذن لها قبل دخول وقتها، بذلك تواترت الأخبار عنهم (عليهم السلام) (1) وقالوا " كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم وكان أعمى وكان يؤذن قبل الفجر ويؤذن بلال إذا طلع الفجر وكان (صلى الله عليه وآله) يقول إذا سمعتم أذان بلال فكفوا عن الطعام والشراب ".
ومنع ابن إدريس من تقديمه في الصبح أيضا وهو اختيار المرتضى في المسائل الناصرية، ونقل عن ابن الجنيد وأبي الصلاح والجعفي، قال السيد (رضي الله عنه) في الكتاب المذكور: قد اختلفت الرواية عندنا في هذه المسألة فروي أنه لا يجوز الأذان لصلاة قبل دخول وقتها على كل حال، وروي أنه يجوز ذلك في صلاة الفجر خاصة (2) وقال أبو حنيفة ومحمد والثوري لا يؤذن للفجر حتى يطلع الفجر، وقال مالك وأبو يوسف