جواز الصلاة في المكان المغصوب وإن أثم من حيث التصرف بغير إذن المالك بشئ من هذه الأنحاء المذكورة.
قال شيخنا الشهيد في الذكرى: أما المغصوب فتحريم الصلاة فيه مجمع عليه، وأما بطلانها فقول الأصحاب وعليه بعض العامة (1) لتحقق النهي المفسد للعبادة (قالوا) النهي عن أمر خارج عن الصلاة كرؤية غريق يحتاج إلى انقاذه وليس هناك غير هذا المصلي (قلنا) الحركات والسكنات أجزاء حقيقية من الصلاة وهي منهي عنها وانقاذ الغريق أمر خارج.
وقال في المدارك: أجمع العلماء كافة على تحريم الصلاة في المكان المغصوب مع الاختيار، وأطبق علماؤنا على بطلانها أيضا لأن الحركات والسكنات الواقعة في المكان المغصوب منهي عنها كما هو المفروض فلا تكون مأمورا بها ضرورة استحالة كون الشئ الواحد مأمورا به ومنهيا عنه. وخالف في ذلك أكثر العامة (2) وحكموا بصحتها بناء على جواز كون الشئ الواحد مأمورا به منيها عنه، واستدلوا عليه بأن السيد إذا أمر عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ثم خاطه في ذلك المكان فإنه يكون مطيعا عاصيا لجهتي الأمر بالخياطة والنهي عن الكون. وجوابه أن المأمور به في هذا المثال غير المنهي عنه إذ المأمور به الخياطة والمنهي عنه الكون وأحدهما غير الآخر بخلاف الصلاة الواقعة في المكان المغصوب فإن متعلق الأمر والنهي فيهما واحد وهي الحركات والسكنات المخصوصة (فإن قلت) الكون في الخياطة واجب من باب المقدمة فإذا تعلق به النهي اجتمع الواجب والمحرم في الشئ الواحد وهو الذي أنكرتموه (قلت) هذا الاجتماع إنما يقتضي فساد ذلك الكون خاصة لا الخياطة، ووجوبه على تقدير تسليمه إنما هو من باب المقدمة والغرض من المقدمة التوصل إلى الواجب وإن كانت منهيا عنها