كما مر، ويستحب الإشهاد في البيع، لقوله تعالى: ﴿وأشهدوا إذا تبايعتم﴾ (١) وفي النكاح والرجعة، للأخبار، ولا يجب في شيء منها، للأصل السالم عن المعارض.
الثانية: إذا أقام البينة فحكم الحاكم له ينفذ الحكم ظاهرا لا باطنا، إلا مع كونه محقا، ولا يستبيح المشهود له ما حكم له مع العلم بعدم الاستحقاق، ويستبيح ذلك مع العلم بلا ريب، وقطعوا بأن الحكم كذلك مع الجهل. فلو لم يعلم بحق وشهد له شاهدان بذلك إما لكونه متروكا له من مورثه، أو له مع نسيانه فإنه يستبيح أخذه مع الحكم بشهادتهما، ما لم يعلم فساد ذلك، بأن يتجدد مثلا براءة المشهود عليه مع عدم علم الشاهد بذلك. ولو توقف الحكم على يمين المدعي لكون الدعوى على ميت، أو كون الشاهد واحدا لم يجز له الحلف إلا مع العلم بالحال.
الثالثة: المشهور وجوب إقامة الشهادة كفاية إلا مع انحصار العدد، فيجب عينا. وفي الشرائع: أنه لا خلاف في وجوب أداء الشهادة كفاية (٢).
وذهب جماعة منهم الشيخ وابن الجنيد وأبو الصلاح إلى عدم وجوب الإقامة إلا مع الاستدعاء (٣) يعني استدعى صاحبها للتحمل.
ويدل على الأول قوله تعالى: ﴿ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه﴾ (٤) وقوله تعالى: ﴿وأقيموا الشهادة لله﴾ (5) وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) قال: قبل الشهادة، وفي قوله تعالى: (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) قال: بعد الشهادة (6). ونحوه حسنة هشام بن سالم (7) وما روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كتم شهادة، أو شهد بها ليهدر بها دم امرء مسلم، أو ليزوي بها مال امرء مسلم أتى يوم