وفيه تأمل، لأن المستفاد من الروايات الفرق بين الاستدعاء وعدمه، ولزوم الإقامة مع الاستدعاء مطلقا وإن حصلت الكفاية بغيره، والمسألة محل تردد، للتعارض بين ظاهر الآية والأخبار المعتبرة المتعددة.
نعم لو شهد وعلم بقاء الحق على المدعى عليه حين الدعوى وتوقف الاستيفاء على شهادته فالظاهر وجوبها عليه وإن لم يشهد عليه، وحينئذ كان عموم الأخبار المذكورة مخصصا بهذه الصورة.
ونبه على ذلك الصدوق في الفقيه، حيث قال بعد نقل رواية محمد بن مسلم وغيرها: معنى هذا الخبر الذي جعل الخيار فيه إلى الشاهد بحساب الرجلين هو إذا كان على ذلك الحق غيره من الشهود، فمتى علم أن صاحب الحق مظلوم ولا يحيى حقه إلا بشهادته وجب عليه إقامتها ولم يحل له كتمانها، فقد قال الصادق (عليه السلام): العلم شهادة إذا كان صاحبها مظلوما (١). وكأنه إشارة إلى مرسلة يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار إن شاء شهد، وإن شاء سكت، إلا إذا علم من الظالم فيشهد، ولا يحل له إلا أن يشهد (٢).
الرابعة: المشهور أيضا وجوب تحمل الشهادة كفاية، لقوله تعالى: ﴿ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا﴾ (3) وصحيحة هشام بن سالم السابقة في المسألة المتقدمة (4).
ورواية أبي الصباح الكناني (5) وغيرها.
وذهب ابن إدريس إلى عدم الوجوب، عملا بالأصل وطعنا في الأخبار ودلالة الآية بأن صدق الشاهد بعد التحمل، فتكون الآية مختصة بالإقامة (6). وهو خلاف ما يدل عليه سياق المقام، ولعل الأول أقرب.