الخلاف في أن مجرد الإظهار هل يكفي في ذلك أم لا؟ فذهب الشيخ إلى أنه يكفي (1). والأشهر الأقرب أنه لا يكفي ذلك، بل لابد أن يختبر مدة يغلب على الظن فيها أنه قد أصلح عمله وسريرته وأنه صادق في توبته، لأن المعتبر حصول التوبة الواقعية، ومجرد إظهار ذلك ليس دليلا على وقوعه، فيبقى التهمة المانعة من القبول، فلابد من الوثوق بذلك، وحيث يتعذر العلم بذلك يكتفى فيه بالأمارات الظنية. والاستمرار على العمل الصالح مدة يحصل الظن والوثوق، ولا يتقدر ذلك بمدة معينة، لاختلاف الأشخاص والأحوال في ذلك. وقد يحصل الوثوق بقوله وتوبته في مدة قصيرة. ومن العامة من قدر الأمر بمضي الفصول الأربعة، ومنهم من قدره بستة أشهر.
واعلم أن مذهب الأصحاب قبول شهادة الفاسق بعد تحقق التوبة، والأخبار والآية تدل على ذلك في القذف، وفيه دليل على بطلان اعتبار المعاشرة الباطنية واعتبار الملكة في العدالة كما ذكره جماعة من المتأخرين (2).
الخامسة: المعروف من مذهب الأصحاب أنه ترد شهادة المتبرع بها قبل سؤال الحاكم، ومستنده بعض الروايات (3) وكون ذلك موضع تهمة.
وفي الكل نظر، والرواية التي ذكروها غير معلوم السند، والظاهر أنها عامية معارضة بمثلها، فلا تعويل عليها. ولا أعرف خلافا في الرد المذكور في حقوق الناس المحضة.
أما حقوق الله تعالى المحضة - كشرب الخمر والزنا والوقف على المصالح العامة - وما كان لله فيه حق وإن كان مشتركا كحد القذف والوقف على منتشرين والعتق والوقف على معين إن قلنا بانتقال الملك إلى الله، ففيه خلاف بين الأصحاب. والأقرب عدم الرد، لعموم أدلة الشهادة، وضعف القول بكون ذلك