الثالثة: إذا شهد بعض الرفقة لبعض على قاطع الطريق، فإن كان الشاهد لم يؤخذ منه شيء ولم يظهر منه عداوة مانعة من قبول الشهادة فالظاهر قبول شهادته، لعموم أدلة القبول وعدم ما يقتضي التخصيص، ويحتمل العدم، نظرا إلى الرواية الآتية. وإن ظهر منه عداوة بالنسبة إلى اللصوص لم يقبل شهادته، وإن ظهر من اللصوص بالنسبة إليه ما يوجب العداوة عادة فهل ينسحب فيه حكم العداوة؟
فيه تأمل.
وإن اخذ منه شيء لم يقبل قوله فيما اخذ منه، وهل يقبل شهادته لغيره فيما اخذ منه؟ فيه وجهان، وكذا لو لم يتعرض لما اخذ منه أصلا.
واختار جماعة من الأصحاب منهم: المحقق (رحمه الله) الرد في الصورتين (1) نظرا إلى ظهور التهمة المانعة، ورواية محمد بن الصلت، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن رفقة كانوا في الطريق فقطع عليهم الطريق فأخذوا اللص، فشهد بعضهم لبعض؟ قال: لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص أو بشهادة غيرهم عليهم (2).
واختار في الدروس القبول (3) نظرا إلى بعد العدل عن شهادة الزور، وعموم أدلة قبول الشهادة، ومنع التهمة المانعة، بل هو كشهادة بعض غرماء المديون لبعض، وكما لو شهد الاثنان بوصية من تركة، وشهد المشهود لهما للشاهدين بوصية منها. ولا يقتضي رد بعض الشهادة لمانع عن القبول حصول الرد فيما لا مانع فيه، والمسألة محل إشكال، والترجيح للقول الأول.
الرابعة: إذا أظهر التوبة دفعا لعار الكذب لم يقبل توبته، كما لو تاب الفاسق ليقبل شهادته، وقال الشيخ: تقبل لو قال الحاكم: «تب أقبل شهادتك» (4).
ولا خلاف في أن حصول التوبة الصحيحة يوجب قبول الشهادة، لكن