وهاهنا مسائل:
الاولى: ذكر الأصحاب أن ترك المندوبات لا يقدح في العدالة ما لم يبلغ حدا يؤذن بالتهاون بالسنن، لدلالته على قلة المبالاة بأمر الدين.
وقطع الشهيد الثاني بأنه لو اعتاد ترك صنف منها كالجماعة والنوافل ونحو ذلك قدح في عدالته من غير نقل خلاف في ذلك (١). ولا ريب فيه في الجماعة، لدلالة النص السابق وغيره من الأخبار المتعددة عليه.
الثانية: كل مخالف في شيء من اصول عقائد الفرقة الناجية ترد شهادته إن قلنا باشتراط الإيمان، وأما فروع المسائل الكلامية فالاختلاف فيها غير ضار، وكذا فروع المسائل الشرعية الاجتهادية ما لم يكن فيها إجماع المسلمين على سبيل القطع، أو إجماع الشيعة الإمامية، بحيث علم على سبيل القطع دخول الإمام المعصوم (عليه السلام) في جملة المجمعين، وأما إذا اتفقت الإمامية على شيء ولم يعلم دخول المعصوم في جملتهم فمخالفتهم غير قادحة في العدالة.
الثالثة: لا خلاف في عدم قبول شهادة القاذف قبل التوبة، لقوله تعالى: ﴿ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا﴾ (٢) ولا خلاف أيضا في قبول شهادته بعد التوبة، لقوله تعالى:
﴿إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا﴾ (٣).
واختلفوا في حد التوبة المقتضية للقبول، فقيل: توبته أن يكذب نفسه مما كان قذف به، سواء كان صادقا في الواقع في قذفه أم كاذبا، وتكذيبه مطابق للواقع على الثاني دون الأول، وحينئذ ورى بما يخرجه عن الكذب، والله سبحانه ألزمه التكذيب، حيث جعل القاذف كاذبا متى لم يأت بالشهداء، حيث قال سبحانه:
﴿فإذ لم يأتوا بالشهداء فاولئك عند الله هم الكاذبون﴾ (4).
ولما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: توبة القاذف إكذابه نفسه (5). ولروايتي أبي