والمتجه عندي في التعويل في العدالة على ما تضمنه صحيحة عبد الله بن أبي يعفور، فإنها أقوى ما ورد في هذا الباب، ولهذا نورده في هذا المقام.
روى الصدوق عن عبد الله بن أبي يعفور - بإسناد ظاهره الصحة - قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عز وجل عليها النار من شرب الخمر، والزنا، والربا، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وغير ذلك، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس، ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا: ما رأينا منه إلا خيرا، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لأوقاتها في مصلاه، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين الناس، وذلك أن الصلاة ستر وكفارة للذنوب، وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلي إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين، وإنما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح، لأن من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم بأن يحرق قوما في منازلهم بتركهم الحضور لجماعة المسلمين، وقد كان فيهم من يصلي في بيته، فلم يقبل منه ذلك، وكيف تقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عز وجل ومن رسوله (صلى الله عليه وآله) فيه الحرق في جوف بيته بالنار، وقد كان يقول: لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة (1).