فمنها: شرب المسكر، ولا ريب في تحريمه، سواء اتخذ من العنب أو غيره ولو شرب منه قطرة. ولا ريب في تحريم ذلك مطلقا، والأخبار تدل عليه (1).
والأصحاب أطلقوا الحكم بأن شارب المسكر ترد شهادته ويفسق، وهذا يدل على كون ذلك عندهم كبيرة مطلقا، سواء كان خمرا أو غيره.
وذكروا في هذا المقام العصير العنبي إذا غلى قبل ذهاب الثلثين، وتحريمه ثابت، لكن في كونه كبيرة تأمل. والأقرب عدم ذلك، وأما غير العصير العنبي فالأصل فيه الحل ما لم يسكر.
ومنها: الغناء، ولا خلاف بين الأصحاب في تحريمه، وكذا في تحريم استماعه، والأخبار في هذا الباب من طريقنا تكاد تبلغ حد التواتر، ويدل عدة منها على كونه كبيرة مما أوعد الله عليه النار.
واختلف كلام أهل اللغة والفقهاء في تفسيره، فمنهم من اعتبر فيه مجرد الإطراب (2). ومنهم من اعتبر فيه مجرد الترجيع (3). ومنهم من جمع بين الأمرين (4).
ومنهم من اعتبر فيه التسمية العرفية، فما سمي في العرف غناء فهو حرام (5) والظاهر أن ما اجتمع فيه الإطراب والترجيع فهو غناء.
والطرب على ما قاله الجوهري وغيره خفة تصيب الإنسان بسبب حزن أو سرور، والترجيع ترديد الصوت في الحلق. والظاهر أنه يحصل بتكرير الألفاظ والأصوات بالنغمات.
والمشهور بين المتأخرين أنه لا فرق بين كون الغناء في قرآن أو شعر أو خطبة أو غيرها. وقد مر الكلام فيه في كتاب التجارة.
واستثنى الأصحاب من الغناء المحرم الحدا. واستثنى بعضهم مراثي الحسين (عليه السلام) (6) ولعل مستنده ما دل على جواز النوحة عليه أو مطلقا، مع أن الغالب