ولا يثبت بالشاهد واليمين حقوق الله تعالى، لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس، فأما ما كان من حقوق الله عز وجل ورؤية الهلال فلا (1). ونحوه رواية اخرى لمحمد بن مسلم (2).
والمعروف من مذهب الأصحاب أنه لا يثبت بهما غير الأموال من حقوق الناس، كالطلاق، والنسب، والوكالة، والوصية إليه، وعيوب النساء.
ويدل على الاختصاص بالدين رواية أبي بصير (3) وفي طريقها شيء. ورواية القاسم بن سليمان (4) وهو غير موثق.
والاختصاص بالدين هو غير معمول بين الأصحاب، وصحيحة محمد بن مسلم السابقة تقتضي انسحاب الحكم في جميع الحقوق، فإن لم يثبت إجماع على التخصيص كان القول بالعموم غير بعيد.
وفي الخلع خلاف بين الأصحاب، وأما العتق فالمشهور بينهم عدم ثبوته بهما، لأنه يتضمن تحرير الرقبة، والحرية ليست مالا، وهي حق لله تعالى، ويشاركها التدبير والكتابة والاستيلاد في المقتضي، وقيل: يثبت بهما العتق، لأن المملوك مال، وتحريره يستلزم تفويت المال على المالك، والحرية وإن لم يكن نفسها مالا، لكنها تتضمن المال من هذه الجهة، واختلف كلام العلامة وتوقف فيه الشهيد (رحمه الله).
واختلف الأصحاب في ثبوت الوقف بهما، وبني الاختلاف على أن الموقوف هل ينتقل إلى الموقوف عليه مطلقا، أم إلى الله تعالى مطلقا، أو الأول عند الحصر، والثاني عند عدمه، أم يبقى على ملك الواقف؟