تعالى، كحد الزنا وشرب الخمر، فإن المستحق لم يأذن في الدعوى، بل ظاهره الأمر بالستر والإخفاء والكف عن تتبع معايب الناس وكشفها، وقد قرر تحريم الغيبة وحد المدعي عند عدم الشهود، للأمر بدرء الحدود بالشبهات.
وروي أنه قال (صلى الله عليه وآله) لمن حمل رجلا على الإقرار عنده بالزنا: هلا سترته (١).
ولو اشترك الحد بين الله والآدمي كحد القذف، ففي سماع الدعوى بها من القاذف قولان:
أحدهما: أنها تسمع. واختاره الشيخ في المبسوط (٢) وفرع الشيخ على قوله:
أنه لو ادعي عليه أنه زنى، لزمه الجواب عن دعواه ويستحلف على ذلك: فإن حلف سقطت الدعوى ولزم القاذف الحد، وإن لم يحلف ردت اليمين على القاذف فيحلف ويثبت الزنا في حقه بالنسبة إلى سقوط حد القذف، ولا يجب حد الزنا.
وفيه إشكال، لعموم قوله تعالى: ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة﴾ (3).
وفي مرسلة البزنطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل فقال: هذا قذفني فلم يكن له بينة، فقال: يا أمير المؤمنين أستحلف؟
فقال (عليه السلام): لا يمين في حد (4). والترجيح للقول الثاني.
والسرقة يقتضي أمرين: أحدهما: المال، وهو حق الآدمي. وثانيهما: القطع بشرطه، وهو حق الله، فإذا ادعاها مدع سمعت الدعوى في الأول ويترتب عليها أحكامها من اليمين والرد والنكول، ولا يسمع فيما يتعلق بالحد إلا مع البينة.
الحادية عشرة: لو كان له بينة فأعرض عنها والتمس اليمين، أو قال: أسقطت البينة وقنعت باليمين. فقال الشيخ: لا يجوز له الرجوع (5). والأشهر الأقوى جواز