والمشهور التفصيل بالمنع منه في الطريق المسلوك الذي لا يؤمن من تأذي المارة به غالبا، وجوازه في الرحاب المتسعة، بحيث يؤمن من تأذي المارة به، استنادا إلى اطراد العادة بذلك في الأمصار والأعصار. وهو غير بعيد، للأصل وعدم نص على المنع. ولا فرق في ذلك بين المسلمين وغيرهم، لأن لأهل الذمة ما للمسلمين في الجملة.
وإذا فارق المكان الذي جلس فيه للبيع ونحوه، قيل: يبطل حقه مطلقا. وهو ظاهر اختيار الشهيد في اللمعة (1). وحكم جماعة من الأصحاب منهم: الشهيد في الدروس ببقاء حقه مع بقاء رحله (2) للرواية السابقة، وهو حسن، لأن الأصل عدم جواز التصرف فيه بإزالة رحله إلا مع تضرر المارة، ولا فرق مع سقوط حقه على التقديرين بين تضرره بتفرق معامليه وعدمه.
واحتمل في الدروس بقاء الحق مع الضرر إلا مع طول زمان المفارقة، لاستناد الضرر حينئذ إلى نفسه (3). وعن التذكرة تقييد بقاء حقه ببقاء النهار (4) استنادا إلى الخبر السابق.
ولا فرق في الأحكام المذكورة بين الزائد عن مقدار الطريق شرعا وما دونه، إلا أن يجوز إحياء الزائد، فيجوز الجلوس فيه مطلقا من غير حاجة إلى التقييد بما مر، وإذا اختص بموضع الجلوس على وجه، يختص بما حوله بقدر الحاجة لوضع متاعه ووقوف المعاملين ومكان الكيل والوزن والمنع والإعطاء، وليس لغيره أن يزاحمه في ذلك إلا مع التضرر بالمارة ومخالفة غرض الاستطراق، ويلحق بالطريق فيما ذكر الأسواق المباحة.
والمشهور بين الأصحاب أن هذه المرافق في الطرق والأسواق والمساجد لا يجوز للإمام إقطاعها لأحد بخصوصه، لأن ذلك معد لمرافق المسلمين على