خلاف في ذلك بين الأصحاب، فإذا وطئ إحداهما لا يجوز له وطء الاخرى ما دامتا في ملكه، فإن وطئ الثانية بعد وطء الاولى مع بقائهما في ملكه فقد أثم، وفي تحريم الاولى أو الثانية أو تحريمهما على بعض الوجوه أقوال متعددة.
وفي الروايات اختلاف، والأقرب في الجمع بين الروايات أنه إن كان الوطء بجهالة بالتحريم لم تحرم الاولى، سواء خرجت الثانية عن ملكه أم لا، وإن كان مع العلم حرمت الاولى حتى تخرج الثانية عن ملكه لا بنية العود حملا لصحيحة محمد بن مسلم وحسنة الحلبي ورواية أبي الصباح ورواية علي بن أبي حمزة على صورة العلم، وحرمت الثانية حتى تخرج الاولى عن ملكه مطلقا، لظاهر سلب تحريم الاولى في صحيحة الحلبي المنقولة في الموثق أيضا، وتحرم الثانية حتى تخرج الاولى عن ملكه مطلقا، لأن تخصيص الحكم بالاولى يقتضي مغايرة حكم الثانية ويتحقق بما ذكرنا، ويبقى الزائد على أصل الإباحة.
والقول بهذا التفصيل غير مشهور، لكن ينبغي القطع بتحريم الاولى حتى تخرج الثانية عن ملكه لا بنية العود في صورة العلم، لدلالة الروايات عليه (1) والاحتياط يقتضي اجتنابهما حتى تخرج إحداهما عن ملكه لا بنية العود.
الخامسة: ذهب أكثر المتقدمين إلى أنه لا يجوز للحر العقد على الأمة إلا بشرطين: عدم الطول وخوف العنت، ويظهر من كلام ابن أبي عقيل دعوى اتفاق آل الرسول (عليهم السلام) عليه، قال: لا يجوز للحر المسلم عند آل الرسول (عليهم السلام) أن يتزوج الأمة متعة ولا نكاح إعلان إلا عند الضرورة، وهو إذا لم يجد مهر حرة وضرت به العزوبة وخاف على نفسه منها الفجور، فإذا كان كذلك حل له نكاح الأمة، قال:
وقد أجاز قوم من العامة تزويج الإماء في حال الضرورة وغير الضرورة لواجدي الطول وغير واجدي الطول وكفى بكتاب الله عز وجل ردا عليهم دون ما سواه (2).