وما تأخر في الوجود الخارجي يسمى قبولا بأي نحو وعبارة كان.
[2] وأما أن يكون الفرق بينهما بكون ما يصدر من الجانب الذي هو العمدة في هذه المعاملة إيجابا، وما يصدر من الجانب الآخر قبولا، سواء تقدم أو تأخر بلفظ (القبول) أو غيره، فما يصدر من البائع إيجاب وإن قال: (قبلت الاشتراء) وما يصدر من المشتري فهو قبول وإن قال: (ابتعت المال).
وكون الموجب هو العمدة: إما أن يكون من جهة كون العوض الذي هو موضوع العقد من جانبه - كالمرأة في النكاح، والعين في البيع، والمنفعة في الإجارة، ونظائر ذلك (1) من الوقف والصدقة والهبة والسكنى والقرض والرهن والضمان ونحوها - أو من جهة كون المتعاقدين قاصدين لكونه العمدة، كما في الشركة مع البذل من الجانبين، أو المسابقة مع البذل من الجانبين، ونحوه (2).
وبالجملة: كل من هو العمدة في هذا العقد (3) يسمى موجبا والاخر قابلا، ولا عبرة بالتقدم والتأخر ولا الألفاظ في ذلك.
[3] وأما أن يكون الفق بينهما بأمر معنوي، وهو أن يقال: أن الايجاب عبارة عن الابتداء بإحداث أثر بحيث يكون هو المقتضي في الحصول وهو الذي يستند إليه الفعل، والقبول عبارة عن الانفعال الذي هو بمنزلة رفع المانع عن ذلك المقتضي، فلو قال الزوج - مثلا -: (تزوجتك) فقالت المرأة: (قبلت) أو (رضيت) أو (زوجتك نفسي) فالأول الإيجاب وإن صدر عن الزوج، لأنه الذي أحدث الأثر وأوجد المقتضي في المعنى، وما وقع (4) من طرف المرأة هو رفع المانع والانفعال لذلك الفعل، وهذا مع كون الرجل قاصدا لإنشاء الزوجية لنفسه، أي: جعل نفسه زوجا والمرأة زوجة.
ولو قالت المرأة أولا: (زوجتك نفسي) منشئة لكون نفسها زوجة والرجل زوجا، فهي موجبة، والرجل قابل لو قصد الانفعال من ذلك الفعل وإن قدم