وأحسن ما بلغنا فيه أن الجاهلية كانوا ينوحون ويعددون أفعالهم التي هي قتل النفس والغارة على الأموال، فأراد أنهم يعذبون بما كانوا يبكون به عليهم.
ولا بد من حمل هذا الحديث على البكاء الذي ليس بمشروع، كالذي معه اللطم، والخدش، والقول السيئ، لما بينا من جوازه.
وقال الصادق عليه السلام: " إن إبراهيم خليل الرحمن سأل ربه أن يرزقه ابنة تبكيه بعد موته " (1).
ب - لا بأس بالنوح والندب بتعداد فضائله واعتماد الصدق - وهو قول أحمد (2) لأن فاطمة عليها السلام كانت تنوح على النبي صلى الله عليه وآله كقولها: (يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبرئيل أنعاه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه) (3).
وجماعة من أصحاب الحديث من الجمهور حرموه لأن النبي عليه السلام نهى عنه (4) ويحمل على اقترانه بكذب، والدعاء بالويل والثبور، فقد روي: أن أهل البيت إذا دعوا بالويل والثبور وقف ملك الموت في عتبة الباب وقال: إن كانت صيحتكم علي فإني مأمور، وإن كانت على ميتكم فإنه مقبور، وإن كانت على ربكم فالويل لكم والثبور، وإن لي فيكم عودات ثم عودات (5).