وهذا الخبر مما يدل على القبول لكنه أعم من أن يكون بلفظ قبلت ونحوه، أو بمجرد إظهار الرضا، وفي صحيحة أبي ولاد الحناط (1) " قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أمر رجلا " أن يزوجه امرأة بالمدينة، وسماها له، والذي أمره بالعراق فخرج المأمور فزوجها إياه " الحديث.
ورواية الحذاء (2) (عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أمر رجلا أن يزوجه امرأة من البصرة من بني تميم، فزوجه امرأة من أهل الكوفة من بني تميم، قال:
خالف أمره) الحديث.
وفي هذين الخبرين دلالة على ما دلت عليه الأخبار المتقدمة من قوله:
" زوجني أو اخطب لي " والقبول فيهما إنما وقع بالاتيان بما أمر به، لكنه في الثاني أبطل الوكالة من حيث المخالفة.
وفي رواية محمد بن عيسى (3) " أنه بعث إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام بثلاثمائة دينار إلى رحم امرأة كانت له، وأمره أن يطلقها عنه ويمتعها بهذا المال " وفيها دلالة على ما قدمنا ذكره من ثبوت الوكالة عن الغائب بالكتابة أو الارسال على لسان شخص، إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع، ولا يخفى على من تتبع الروايات الخاصة والعامة أن ما اشتملت عليه من عقود الوكالة ليس فيها أزيد من الأوامر بما يريده الموكل مما يدل على الإذن له في التصرف، وليس فيها لفظ " وكلتك " ولا نحوه من تلك الألفاظ، وكذا في جانب القبول ليس فيها أزيد من الرضا بذلك، والمبادرة إلى فعل ما وكل فيه، وكأنهم إنما أخذوا هذا اللفظ واشتقوه من لفظ الوكالة فعبروا به، وعبروا بالقبول من حيث الدلالة على الرضا الذي هو الأصل في صحة العقد، فسرى الوهم إلى ترجيح الفرع على الأصل.