الحاجة إلى الوكالة ظاهرة، إذ لا يمكن لكل أحد مباشرة ما يحتاج إليه من الأفعال فدعت الضرورة إلى الاستنابة، انتهى كلامه.
والكلام في هذا الكتاب يقع في مطالب سبعة:
المطلب الأول في العقد وما يلحق به:
وتحقيق الكلام في ذلك يقع في مسائل: الأولى: قال في التذكرة عقيب الكلام المتقدم: الوكالة عقد يتعلق به حكم كل واحد من المتعاقدين، فافتقر إلى الإيجاب والقبول، كالبيع والأصل فيه عصمة مال المسلم، ومنع غيره من التصرف فيه إلا بإذنه، فلا بد من جهة الموكل من لفظ دال على الرضا بتصرف الغير له، وهو كل لفظ يدل على الإذن، مثل أن يقول وكلتك في كذا وفوضت إليك، واستنبتك فيه، وما أشبهه، ولو قال: وكلتني في كذا فقال: نعم، وأشار بما يدل على التصديق كفى في الإيجاب، ولو قال: بع واعتق ونحوهما حصل الإذن، وهذا لا يكاد يسمى ايجابا " بل هو أمر وإذن، وإنما الإيجاب قوله وكلتك واستنبتك وفوضت إليك وما أشبهه وقوله أذنت لك في فعله ليس صريحا " في الإيجاب، بل إذن في الفعل، إلى أن قال: ولا بد من القبول لفظا "، وهو كل ما يدل على الرضا بالفعل أو قولا "، ويجوز القبول بقوله قبلت، وما أشبهه من الألفاظ الدالة عليه، وكل فعل يدل على القبول، نحو أن يأمره بالبيع فيبيع أو بالشراء فيشتري، لأن الذين وكلهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم ينقل عنهم سوى امتثال أمره، ولأنه أذن في التصرف، فجاز القبول فيه بالفعل، كأكل الطعام انتهى.
أقول: قد تقدم في غير موضع ما يدل على سعة الدائرة في العقود وأن المعتبر فيها هو كل ما يدل على الرضا من الطرفين بذلك المعقود عليه، بقي الكلام في قوله " إن قوله بع واعتق لا يسمى ايجابا "، وإنما هو أمر وإذن، وكذا في قوله أذنت لك في فعله، ليس صريحا " في الإيجاب.